وكتب إلى الزبير
أيضاً :
أمّا بعد : فإنّك
الزبير بن العوام ، ابن أبي خديجة ، وابن عمّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وحواريّه ، وسِلفه وصهر أبي بكر ، وفارس المسلمين ، وأنت الباذل في الله
مهجته بمكة عند صيحة الشيطان ، بعثك المنبعث ؛ فخرجت كالثعبان المنسلخ بالسيف
المنصلت ، تخبط خبط الجمل الرديع ، كلّ ذلك قوّة إيمان وصدق يقين ، وسبقت لك من
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم البشارة بالجنّة ، وجعلك عمر أحد المستخلفين على الأمة.
وأعلم يا أبا عبد
الله : أنّ الرعية أصبحت كالغنم المتفرّقة لغيبة الراعي ، فسارع ـ رحمك الله ـ إلى
حقن الدماء ؛ ولَمِّ الشعث ، وجمع الكلمة ، وصلاح ذات البين ، قبل تفاقم الأمر ،
وانتشار الأُمّة ، فقد أصبح الناس على شفا جُرف هار ، عمّا قليل ينهار إن لم يُرأب
، فشمّر لتأليف الأُمّة ، وابتغ إلى ربّك سبيلا ، فقد أحكمتُ الأمر منِ قبَلي لك
ولصاحبك على أنّ الأمر للمقدّم ، ثم لصاحبه من بعده ، جعلك الله من أئمة الهدى ،
وبُغاة الخير والتقوى ، والسلام .
ألا مسائل ابن هند
عن قوله : إنّ الرعيّة أصبحت كالغنم المتفرّقة. إلى آخره. لما ذا أصبحت؟ ومتى
أصبحت؟ وكيف أصبحت؟ وراعيها الذي يرقبها ويرقب كلّ صالح لها ، ويشمّر لدرء كلّ
معرّة عنها ، هو صنو رسول الله ونفسه ، الإمام المنصوص عليه ، وقد أجمعت الأُمّة
على بيعته لو لا أنّ معاوية يكدّر الصفو ، ويقلق السلام ،
__________________