ولمّا حدّثه عبادة بن الصامت حديث حرمة الربا (١) ، وقد نطق بها القرآن الكريم فقال : اسكت عن هذا الحديث ولا تذكره. فقال عبادة : بلى وإن رغم أنف معاوية. ولمّا سمع من عبادة حديثه عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : إنّ هذا لا يقول شيئاً.
فلم يك يرى قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم شيئاً يُعبأ به ويُصاخ إليه ، ويعوّل عليه.
ولمّا قدم المدينة لقيه أبو قتادة الأنصاري (٢) فقال له معاوية : يا أبا قتادة تلقّاني الناس كلّهم غيركم يا معشر الأنصار ، ما منعكم؟ قال : لم يكن معنا دواب. فقال معاوية : فأين النواضح؟ قال أبو قتادة : عقرناها في طلبك يوم بدر. قال : نعم يا أبا قتادة. قال أبو قتادة : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لنا : إنّا سنرى بعده أثرة. قال معاوية : فما أمركم به عند ذلك؟ قال : أمرنا بالصبر. قال : فاصبروا حتى تلقوه. قال عبد الرحمن بن حسّان حين بلغه قول معاوية :
ألا أبلغ معاويةَ بنَ صخرٍ |
|
أميرَ المؤمنين نثا كلامي |
فإنّا صابرون ومنظروكم |
|
إلى يوم التغابن والخصامِ (٣) |
وحقّ القول : أنّ المخذول لا يخضع لهتاف النبوّة ، ولا أنّهم سوف يلقون صاحبها ، ويرفعون إليه ظلامتهم ، فيحكم لهم على من استأثر عليهم ، وحسبه ذلك إلحاداً وبغياً.
وفي رواية : أنّ أبا أيّوب أتى معاوية ، فشكا إليه أنّ عليه ديناً فلم ير منه ما
__________________
(١) مرّ حديثه في هذا الجزء : ص ١٨٥. (المؤلف)
(٢) في رواية ابن عساكر [تاريخ مدينة دمشق : ٢٦ / ٢٠١ رقم ٣٠٧١ ، وفي مختصر تاريخ دمشق ١١ / ٣٠٩] : عبادة بن صامت الأنصاري. (المؤلف)
(٣) الاستيعاب : ١ / ٢٥٥ [القسم الثالث / ١٤٢١ رقم ٢٤٣٥] ، تاريخ ابن عساكر : ٧ / ٢١٣ [٢٦ / ٢٠١ رقم ٣٠٧١ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ١١ / ٣٠٩] ، تاريخ الخلفاء للسيوطي : ص ١٣٤ [ص ١٨٨]. (المؤلف)