أوَهل ترى معاوية في خروجه على أمير المؤمنين عليهالسلام ألف الجماعة ولازم الطاعة؟ أو أنّه باغٍ أهان سلطان الله ، واستذلّ الإمارة الحقّة ، وخرج عن الطاعة ، وفارق الجماعة وخلع ربقة الإسلام من رأسه؟
النصوص النبويّة تأبى إلاّ أن يكون الرجل على رأس البغاة ، كما كان على رأس الأحزاب يوم كان وثنيّاً ، وما أشبه آخره بأوّله ، ولذلك أمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أمير المؤمنين بقتاله ، وأنّ من يقتل عمّاراً هي الفئة الباغية ، ولم يختلف اثنان في أنّ أصحاب معاوية هم الذين قتلوه ، غير أنّ معاوية نفسه لم يتأثّر بتلك الشية ، ولم تثنه عن بغيه تلكم القتلة وأمثالها من الصلحاء الأبرار ، الذين ولغ في دمائهم.
أضف إلى ذلك أنّ معاوية هو الخليفة الأخير ببيعة طغام الشام وطغاتهم ، إن كانت لبيعتهم الشاذّة قيمة في الشريعة ، وقد حتّم الإسلام قتل خليفة مثله ، بقول نبيّه الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما».
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ستكون خلفاء فتكثر» قالوا : فما تأمرنا؟ قال : «فُوا ببيعة الأوّل فالأوّل ، وأعطوهم حقّهم».
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع ، فإن جاء أحد ينازعه فاضربوا عنق الآخر».
وهذه الأحاديث الصحيحة الثابتة (١) ، هي التي تصحّح الحديث الوارد في معاوية نفسه ، وإن ضعف إسناده عند القوم ، من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه» (٢). وهو المعتضد بما ذكره المناوي في كنوز الدقائق (٣) (ص ١٤٥) من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من قاتل عليّا على الخلافة فاقتلوه كائناً من كان».
__________________
(١) راجع : صفحة : ٢٧ ، ٢٨ ، ٢٧٢ من هذا الجزء. (المؤلف)
(٢) راجع : صفحة ١٤٢ من هذا الجزء. (المؤلف)
(٣) كنوز الدقائق : ٢ / ١١٤.