تحكيم الحجر الأسود وطلب الشهادة منه على أحدهما ، فانطلقا حتى أتيا الحجر الأسود ، فقال علي بن الحسين لمحمد ابن الحنفية : « إبدأ أنت فابتهل إلى اللّه عزّ وجلّ وسله أن ينطق لك الحجر ثم سل » فابتهل محمد في الدعاء وسأل اللّه ثم دعا الحجر فلم يجبه ، فعند ذلك تقدم علي بن الحسين وقال : « أسألك بالذي جعل فيك ميثاق الأنبياء وميثاق الأوصياء وميثاق الناس أجمعين لما أخبرتنا مَن الوصي والاِمام بعد الحسين بن علي عليهماالسلام؟ » فتحرك الحجر حتى كاد أن يزول عن موضعه ثم أنطقه اللّه عزّ وجلّ بلسان عربي مبين فقال : اللّهم إنّ الوصي والاِمام بعد الحسين بن علي عليهماالسلام هو علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وابن فاطمة بنت رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال فانصرف محمد بن علي وهو يتولّى علي بن الحسين عليهماالسلام (١).
لكن الاِجابة عن هذا السوَال واضحة ، فإنّا لو افترضنا صحة المضمون ، واكتفينا في مثل هذه الواقعة الخطيرة بالخبر الواحد ، لنا أن نقول بأنّ المناشدة كانت لأجل إفهام الآخرين بإمامة علي بن الحسين حتى يوجه نظر الجماهير إلى الاِمام الحقيقي.
إنّ محمد ابن الحنفية أجل من أن لا يعرف شروط الاِمامة وإنّها لم تكن متوفرة في حقّه. إذ لو كانت بالنص فلم يكن هناك نصّ عليه ، ولو كانت بالمبايعة والتصفيق بالأيدي فلم تكن هناك مبايعة. ومع ذلك فهل يحتمل أن يشهد له الحجر بالاِمامة.
الثاني : إذا لم تكن هناك دعوة باسم الكيسانية وإنّما خلقها أعداء المختار لاِسقاطه من أعين الناس فبماذا يفسر ما أنشأه الشاعر كُثَيِّـر عزّة.
__________________
١ ـ الكليني : الكافي : ١ / ٣٤٨ ح ٥ ، كتاب الحجّة.