تكهّن بعد ذلك وسجع كإسجاع الكهنة ، وحكي أيضاً أنّه ادّعى نزول الوحي عليه » (١).
لم يكن المترقّب من البيت الأموي وحماته الذين شربوا كأس المنون بيد الثائر المتفاني في حب أهل البيت ، إلاّ رميه بادّعاء النبوة ونزول الوحي ، ولنفترض أنّ الثائر الثقفي لم يكن رجلاً دينياً ، ولم ينهض بدافع إلهي ، وإنّما ثارت ثورته ، بدافع نفسي مادي ، ولكنه كان رجلاً عملاقاً وسياسياً عبقرياً ، قاد أعظم الثورات التي شاهدها التاريخ في ذلك العصر وامتدت سلطته إلى أرمينيا ، وهل مثله ـ وهو يحكم باسم الاِسلام والدين ، وبتأييد من أئمة أهل البيت عليهمالسلام ـ يدّعي النبوة ونزول الوحي ويتكلم بكلام الكهنة مع أنّ التاريخ ضبط خطبه وكلامه حتى نقلها البغدادي (٢) كلا ، ولا ، وما جاء به البغدادي ، ليس إلاّ نسبة مفتعلة.
« من يتحقّق في سيرة المختار وحربه للأمويين ودكه لجيش قائدهم عبيد اللّه ابن زياد ، وفي عدائه للزبيريين ابتداء من انتزاع الحكم منهم في أوّل ثورته حتى قتاله لمصعب الذي سيطر على الحكم بعد المختار ، ـ من يتحقّق في هذا ـ يستطع تحليل اتّـهام المختار بالكذب والانحراف واستغلال الاِسلام وقتل الاِمام الحسين عليهالسلام من أجل مصالحه الشخصية ، وأن تنسب له أقاويل مضادة للاِسلام. وكيف لايتهم بالأمور السالفة وأضرابها وقد أطبقت على عدائه دولتان ، دولة ابن الزبير ودولة الأمويين؟ » (٣).
وهناك بعض التساوَلات على صعيد البحث نشير إليها :
الأوّل : روى الشيخ الكليني بسند صحيح عن أبي جعفر عليهالسلام مناشدة محمد ابن الحنفية لعلي بن الحسين في مسألة الوصاية والاِمامة حتى اتفقا على
__________________
١ ـ البغدادي : الفرق بين الفرق : ٤٥ و ٤٦.
٢ ـ البغدادي : الفرق بين الفرق : ٤٥ و ٤٦.
٣ ـ محمود البغدادي : النظرية السياسية : ٢٨٤.