وقوله تعالى : (وَضَرَبَ
اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً) المثل عبارة عن قول فى شىء يشبه قولا فى شىء آخر بينهما
مشابهة ليتبين أحدهما من الآخر ويصوره.
وقيل : هو
عبارة عن المشابهة لغيره فى معنى من المعانى ، أى معنّى كان ، وهو أعم من الألفاظ
الموضوعة للمشابهة.
قال الإمام فخر
الدين الرازى : المثل قد يضرب بشىء موصوف بصفة معينة سواء كان ذكر الشىء موجودا أو
لم يكن ، وقد يضرب بشىء موجود معين فهذه القرية التى ضرب الله بها هذا المثل يحتمل
أن تكون شيئا معروفا ويحتمل أن تكون قرية معينة.
وعلى التقدير
الثانى : فتلك القرية يحتمل أن تكون مكة أو غيرها ، والأكثر من المفسرين على أنها
مكة. والأقرب أنها غير مكة ؛ لأنها ضربت مثلا بمكة.
وقال الزمخشرى
: (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً) أى جعلت
القرية التى هذه حالها مثلا لكل قوم أنعم الله عليهم فأبطرتهم النعمة فكفروا
وتولوا ، فأنزل الله بهم نقمته.
والآية عند
عامة المفسرين نازلة فى أهل مكة وما امتحنوا به من الخوف والجوع بعد الأمن والنعمة
بتكذيبهم النبى صلىاللهعليهوسلم فتقدير الآية : ضرب الله مثلا لقريتكم مثلا ، أى : بين
الله بها شبها. ثم قال : قرية ، فيجوز أن تكون القرية بدلا من مثلا ؛ لأنها هى
الممثل بها فى المثل. ويجوز أن يكون المعنى : ضرب الله مثلا مثل قرية ، فحذف
المضاف ؛ هذا قول الزجاج.
والمفسرون كلهم
قالوا : أراد بالقرية مكة يعنون أنه أراد مكة فى تمثيلها بقرية صفتها ما ذكر.
وقال الزمخشرى
: فى هذه القرية قولان :
أحدهما : أنها
مكة ؛ قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة والجمهور ، وهو الصحيح.
__________________