فلخوف هذه
الخصال احترزوا عن القيام والمجاورة فيها ، وبعضهم من أصحاب القلوب الزاهدين
الخاشعين المحتاطين فى دين الله تعالى يعللون بعلل أخرى أن فيها خوف ارتكاب
المحظورات والخطايا والذنوب إما الكبائر أو الصغائر مثل الاشتغال بالسمر وحكايات
الدنيا فى الطواف والمسجد وغير ذلك من الكبائر والصغائر ولكل واحد منهما نتيجة
وخواص ، فمن خواص الكبائر : أن يتولد منها مقت الله تعالى وسخطه ، وإطفاء نور
المعرفة بالكلية وزوال الولاية.
ومن خواص
الصغائر : أن يورث تقليل نور المعرفة وترقيقه لشرف تلك البقعة الشريفة.
واعلم أن
معصيته الله تعالى فاحشة حيث وجدت ؛ أما فى حضرة الله تعالى وفى فناء بيته ومحل
اختصاصه أفظع وأفحش ، وأن المعصية تتضاعف عقوبتها بالعلم ؛ إذ ليس عقاب من يعلم
كعقاب من لا يعلم ؛ كما تتضاعف عقوبة المعصية بسبب شرف مكان الحرم وعظم حرمته. وأى
شىء أعظم حرمه وأى شىء أعظم من الذنب فى حوزته وحرمه.
وروى أن بعض
الصالحين من الأولياء أقام شهرا بمكة ما وضع جنبيه على الأرض أدبا واحتراما لها .
وروى أن محمد
بن الجريرى جاور بمكة سنة ثلاث وتسعين ومائتين ولم يتكلم ولم يستند إلى عمود ولا
حائط ولم يمد رجليه ، فعبر أبو بكر الكتانى عليه ، وقال له : يا أبا محمد قدرت على
هذا الاعتكاف؟ فقال : علم الله صدق باطنى فأعاننى على ظاهرى ، فأطرق الكتانى ومشى
متفكرا ، فقال الجريرى :
شكرتك لا إنى
أجازيك منعما
|
|
بشكر ولا
كيما يقال له شكر
|
واذكر أيامى
لديك وحسنها
|
|
وآخر ما يبقى
على الذاكر الذكر
|
وقال السرى
السقطى : من جالس الملوك بلا أدب فقد تعرض للقتل.
وقال أبو على
الدقاق : ترك الأدب يوجب الطرد ، فمن أساء الأدب على
__________________