قال : فاستوى جالسا ، وقال : يا أصمعى ، هيهات ؛ إن الله خلق الجنة لمن أطاعه ، وإن كان عبدا حبشيا. وخلق النار لمن عصاه وإن كان شريفا قرشيا ؛ أما سمعت قول الله تعالى : (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ)(١) قال : فتركته على حاله ومضيت.
وروى أن عليا الرازى ـ رحمه الله ـ قد حج نيفا وخمسين حجة من نيسابور (٢) أحرم بكل حجة منها ، وكان يصلى فى كلّ البادية عند كل ميل ركعتين ، ويقول : قال الله تعالى : (لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ)(٣) وهذه منافعى فى حجى ، وقال بلسان الحال :
وجعلت قلبى منزلا لك عامرا |
|
فإليه طرفى حين أطرف يسجد (٤) |
وروى أن أبا بكر الكتانى ختم اثنى عشر ألف ختمة فى الطواف.
وقيل : أقام أبو عمرو الزجاجى بمكة أربعين سنة لم يبل ولم يتغوط فى الحرم ، وكان يخرج فى كل يوم خارج الحرم فيتطهر. وقيل : كان يعتمر كل يوم ثلاث عمرات ، وكان يأكل بعد ثلاثة أيام أكلة واحدة. ومات عن نيف وسبعين وقفة.
__________________
(١) سورة المؤمنون : آية ١٠١.
(٢) نيسابور : مدينة عظيمة فتحها المسلمون أيام عثمان بن عفان (انظر : مراصد الاطلاع : ١٤١١).
(٣) سورة الحج : آية ٢٨.
(٤) صفوة الصفوة ٢ / ١٠٩.