الفصل الحادى والعشرون
فى ذكر فضائل الكعبة الشريفة شرفها الله تعالى
اعلم أن الله
تعالى جعل البيت مثابة للناس وأمنا للخائفين ، وأمر خليله عليهالسلام بتطهيره للطائفين والعاكفين ، وعرّفه بإضافته إلى جلاله ، وقال : (وَطَهِّرْ
بَيْتِيَ).
كفى شرفا
أنّى مضاف إليكم
|
|
وأنّى بكم
أدعى وأرعى وأعرف
|
وقيل فى انجذاب
القلوب وميل النفوس إلى هذا المكان الشريف أربعة معان :
الأول : أنه
ورد أن الله تعالى أخذ الميثاق من بنى آدم ببطن نعمان ـ وهى عرفة ـ فاستخرجهم
هنالك من صلب أبيهم آدم ونثرهم بين يديه كهيئة الذر ، قوله تعالى : (مِنْ
ظُهُورِهِمْ) أى : من ظهور بنى آدم على حسب التوالد قرنا بعد قرن
كأمثال الذر ، وركب فيهم من العقل ما يفهمون عن الله عزّ وجلّ ، ولم يذكر ظهر آدم
للعلم به.
قال مقاتل :
أخرج أهل السعادة من جانب ظهره الأيمن وعكسه عكسه.
وقال القرطبى :
خاطب الله الأرواح. ولفظ الذرية دليل على الأجساد.
وروى : أن الله
تعالى أخرجهم جميعا وصورهم وجعل لهم عقولا يعلمون بها وألسنا ينطقون ثم كلمهم قبلا
، أى : عيانا. ثم قال : ألست بربكم؟ قالوا : بلى.
فكتب الله إقرارهم
فى الرق ، وأشهد فيه بعضهم على بعض ثم ألقمة الحجر الأسود. ومن أجل ذلك شرع
لموافيه أن يقول : اللهم إيمانا بك ، ووفاء بعهدك.
وهذا ينزع إلى
معنى «حب الوطن من الإيمان» ؛ فإنه قد ثبت أن ذلك المكان الأول وطن له.
__________________