وفي (ص ٢٠١) (١) ، ومسند أحمد (٢) (١ / ٥٦) : إنّي قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين ، فأيّهما شئتم : عمر أو أبا عبيدة.
وفي الإمامة والسياسة (٣) (١ / ٧) : إنّما أدعوكم إلى أبي عبيدة أو عمر ، وكلاهما قد رضيت لكم ولهذا الأمر ، وكلاهما له أهل. وفي (ص ١٠) قال : إنّي ناصح لكم في أحد الرجلين : أبي عبيدة بن الجراح أو عمر ، فبايعوا من شئتم منهما.
قال الأميني : بخٍ بخٍ ، حسب النبيّ الأعظم مجداً وشرفاً ، والإسلام عزّا ومنعةً ، والمسلمين فخراً وكرامة ، استخلاف مثل أبي عبيدة الجرّاح ولم يكن إلاّ حفّاراً مكياً يحفرُ القبور بالمدينة ، وكان فيها حفّاران ليس إلاّ وهما أبو عبيدة وأبو طلحة ، فما أسعد حظّ هذه الأمّة أن يكون في حفّاري قبورها من يشغل منصّة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بعده ، ويسدّ ذلك الفراغ ، ويكون هو مرجع العالم في أمر الدين والدنيا ، وأيّ وازعٍ يمنع أبا عبيدة من أن يكون خليفةً لائتمانه؟ بعد ما كاد معاوية بن أبي سفيان أن يكون نبيّا ويُبعث لائتمانه وعلمه ، كما مرّ في (ص ٣٠٨).
غير أنّي لست أدري ما كانت الحالة يوم ذاك في السموات عند إيهاب أبي بكر الخلافة الإسلاميّة لأبي عبيدة؟ وهي كانت ترتجّ والملائكة تهتف ، والله يأبى إلاّ أبا بكر مهما سألها النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لعليّ عليهالسلام ، وقد أنزله منزلة نفسه نصّا من الله العزيز. نعم ؛ كان حقّا على السموات أن يتفطّرن منه وتنشقّ الأرض وتخرّ الجبال هدّا.
٢٤ ـ وما الذي جوّز لأبي بكر قوله لعمر ـ بعد قوله له : أبسط يدك يا أبا بكر فلأُبايعك ـ : بل أنت يا عمر فأنت أقوى لها منّي؟ وكان كلّ واحد منهما يريد
__________________
(١) تاريخ الأمم والملوك : ٣ / ٢٠٦ حوادث سنة ١١ ه.
(٢) مسند أحمد : ١ / ٩٠ ح ٣٩٣.
(٣) الإمامة والسياسة : ١ / ١٤ و ١٦.