كان في جوف الليل قمت وتوضّأت وصلّيت ركعتين ، وقلت : اللهمّ اهدني إلى ما تحبّ وترضى ، ثمّ أويت إلى فراشي فرأيت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما يرى النائم ، دخل من باب بني شيبة ، فأسند ظهره إلى الكعبة ، ورأيت الشافعيّ وأحمد بن حنبل على يمين النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يتبسّم إليهما ، ورأيت بشر المريسي على يسار النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مكلح الوجه ، فقلت : يا رسول الله ، من كثرة اختلاف هذين الرجلين لم أدر بأيّهما آخذ. فأومأ إلى الشافعيّ وأحمد بن حنبل ، وقال : أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوّة ، ثمّ أومأ إلى بشر المريسي وقال : فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكّلنا بها قوماً ليسوا بها بكافرين. قال أبو بكر : والله لقد رأيت هذه الرؤيا وتصدّقت من الغد بألف دينار (١) ، وعلمت أنّ الحقّ مع الشيخين ، إلخ. رواه ابن عساكر في تاريخه (٢) (١ / ٤٥٤) نقلاً عن الحافظين البيهقي والجوزقي.
وبلغ غلوُّ الحنابلة في إمامهم إلى حدّ قال المديني : إنّ الله أعزّ هذا الدين برجلين ليس لهما ثالث : أبو بكر الصدّيق يوم الردّة ، وأحمد بن حنبل يوم المحنة (٣). وقال : ما قام أحد بأمر الإسلام بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ما قام به أحمد بن حنبل ، قال : الميموني قلت له : يا أبا الحسن! ولا أبو بكر الصدّيق؟ قال : ولا أبو بكر الصدّيق ، إنّ أبا بكر الصدّيق كان له أعوان وأصحاب ، وأحمد بن حنبل لم يكن له أعوان وأصحاب. تاريخ بغداد (٤ / ٤١٨)
وهناك مثل أبي عليّ الحسين بن عليّ الكرابيسي الشافعي المتوفّى (٢٤٥ ، ٢٤٨)
__________________
(١) كذا في المصدر ، وفي المختصر : درهم.
(٢) تاريخ مدينة دمشق : ٥ / ٢٢٦ رقم ١٢٢ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ٣ / ٢٣٣.
(٣) هل خفي على ابن المديني ما أخرجه الحفّاظ من الصحيح المكذوب على رسول الله أنّه صلّي الله عليه وآله وسلّم قال : اللهمّ أعزّ الإسلام بعمر بن الخطّاب خاصّة؟ والصحيح المختلق عليه صلّي الله عليه وآله وسلّم : اللهمّ أيّد الدين بعمر. فجعل الله دعوة رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم لعمر ، فبنى عليه ملك الإسلام وهدم به الأوثان. مستدرك الحاكم : ٢ / ٨٣ [٣ / ٨٩ ح ٤٤٨٦]. (المؤلف)