رواية : يكاد الناس يضربون أكباد الإبل فلا يجدون أعلم من عالم المدينة (١) ، وطبّقوها على مالك بن أنس ، فكأنّ المدينة لم تكن عاصمة الإسلام ، ولم يكن هناك عالم يُقصد قبل مالك وبعده ، وكأنّ عائلة النبوّة التي جعلها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قرينة القرآن في الاستخلاف وقال : «إنّي مخلّف فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي» لم ترث علم النبيّ الأعظم ، وكأنّ صادق آل محمد ـ وكلّهم صادقون ـ لم يكن هو المنتجع الوحيد في العلم لأئمّة الدنيا في ذلك اليوم ، وكأنّ مالكاً لم يكن من تلامذته.
فيأتي الرجل (٢) بدعوى الإجماع المجرّدة من المسلمين ، على أنّ مالكاً هو المراد من ذلك الحديث المزوّر ، ذاهلاً عن قول محمد بن عبد الرحمن : إنّ أحمد كان أفضل من مالك بن أنس. تاريخ بغداد (٢ / ٢٩٨).
وعن قول أحمد إمام الحنابلة : كان ابن أبي ذئب أفضل من مالك بن أنس. تاريخ بغداد (٢ / ٢٩٨).
وعن قول يحيى بن سعيد : إنّ سفيان فوق مالك من كلّ شيء ، في الحديث والفقه والزهد. تاريخ بغداد (٩ / ١٦٤).
وعن قول عطيّة بن أسباط : إنّ أبا حنيفة أفقه من ملء الأرض مثل مالك (٣).
وعن قول الشافعيّ وابن بكير : إنّ ليث بن سعيد الفهمي ـ شيخ الديار المصريّة ـ أفقه من مالك (٤). خلاصة التهذيب (ص ٢٧٥) ، طبقات الحفّاظ (١ / ٢٠٨).
__________________
(١) عدّه ابن الحوت في أسنى المطالب : ص ١٤ [ص ٣٧ ح ٣١] من الموضوعات ، وقال : سمعته من المالكية ولم أره. (المؤلف)
(٢) صاحب الديباج المذهّب [إبراهيم بن علي بن فرحون المالكي المتوفّى ٧٩٩]. (المؤلف)
(٣) مناقب أبي حنيفة للشيخ علي القاري ، المطبوع مع الجواهر المضيّة في طبقات الحنفية : ص ٤٦١. (المؤلف)
(٤) خلاصة الخزرجي : ٢ / ٣٧١ رقم ٦٠٠٠ ، تذكرة الحفّاظ : ١ / ٢٢٤ رقم ٢١٠.