بعثت به إلينا والسلام. فحلف ابن منير أن لا يرسل إلى الشريف هديّة إلاّ مع أعزِّ الناس عليه ، فجهّز هدايا نفيسة مع مملوك له يسمّى تَتَر ، وكان يهواه جدّا ويحبّه كثيراً ولا يرضى بفراقه ، حتى إنّه متى اشتدَّ غمّه أو عرضت عليه محنة نظر إليه فيزول ما به ، فلمّا وصل المملوك إلى الشريف توهّم أنّه من جملة هداياه تعويضاً من العبد الأسود فأمسكه ، وعزّت الحالة على ابن منير فلم ير حيلة في خلاص مملوكه من يد الشريف إلاّ إظهار النزوع عن التشيّع إن لم يرجعه إليه ، وإنكار ما هو المتسالم عليه من قصّة الغدير وغيرها ، فكتب إليه بهذه القصيدة. فلمّا وصلت إلى الشريف تبسّم ضاحكاً وقال : قد أبطأنا عليه فهو معذورٌ ، ثمّ جهّز المملوك مع هدايا نفيسة ، فمدحه ابن منير بقوله :
إلى المرتضى حُثَّ المطيَّ فإنّه |
|
إمامٌ على كلِّ البريّة قد سما |
ترى الناس أرضاً في الفضائلِ عندَهُ |
|
ونجلَ الزكيِّ الهاشميِّ هو السما |
وقد خمّس التتريّة العلاّمة الشيخ إبراهيم يحيى العاملي (١) ، وهو بتمامه مع القصيدة مذكور في مجموعة شيخنا العلاّمة الشيخ عليّ آل كاشف الغطاء ، وفي الجزء الأوّل من سمير الحاضر ومتاع المسافر له ، وفي المجموع الرائق (ص ٧٢٧) لزميلنا العلاّمة السيّد محمد صادق آل بحر العلوم ، أوّله :
أفدي حبيباً كالقمرْ |
|
ناديتُهُ لمّا سَفرْ |
يا صاحب الوجه الأغرْ |
|
عذّبت طرفي بالسهرْ |
وأذبت قلبي بالفِكَرْ
أبلى صدودُك جدّتي |
|
وتركتني في شدّتي |
وأطلتَ فيها مدّتي |
|
ومزجت صفو مودّتي |
من يسعد يمد بالكدر
__________________
(١) أحد شعراء الغدير في القرن الرابع عشر ، تأتي هناك ترجمته. (المؤلف)