وكذا وقد كنت عرفتك أن العرب لا تجمع بين الذي والذي ولا ما كان في معنى ذلك شيء قاسه النحويون ليتدرب به المتعلمون وكذا يقول البغداديون الذين على مذهب الكوفيين يقولون : إنه ليس من كلام العرب ويذكرون أنه إن اختلف جاز وينشدون :
من النّفر اللّائي (١) الّذين إذا هم |
|
يهاب اللّئام حلقة الباب قعقعوا |
قالوا : فهذا جاء على إلغاء أحدهما وهذا البيت قد رواه الرواة فلم يجمعوا بين (اللائي والذين) ويقولون : (على هذا مررت بالذي ذو قال ذاك) على الإلغاء ، فقال أبو بكر : وهذا عندي أقبح ؛ لأن الذي يجعل (ذو) في معنى (الذي) من العرب طيء فكيف يجمع بين اللغتين ولا يجيزون : (الذي من قام زيد) على اللغو ويحتجون بأنّ (من) تكون معرفة ونكرة مررت بالذي القائم (أبوه) على أن تجعل الألف واللام للذي وما عاد من الأب على الألف واللام ويخفض القائم يتبع (الذي) وهذا لا يجوز عندنا ؛ لأن (الذي) لا بدّ لها من صلة توضحها ومتى حذفت الصلة في كلامهم فإنما ذاك ؛ لأنه قد علم ، وإذا حذفت الصلة وهي التي توضحه ولا معنى له إلا بها كان حذف الصفة أولى فكيف تحذف الصلة وتترك الصفة ويقولون : إن العرب إذا جعلت (الذي والتي) لمجهول مذكر أو مؤنث تركوه بلا صلة نحو قول الشاعر :
فإن أدع اللّواتي من أناس |
|
أضاعوهنّ لا أدع الّذينا (٢) |
__________________
(١) الّلات ، أو : الّلاتى ، والّلاء ، أو : اللائي.
وتختص بجمع المؤنث للعاقلة وغير العاقلة ، تقول : الّلات سبقن في الميدان العملى كثيرات ، ومنهن الّلاء اشتهرن بالاختراع ... أو اللاتى أو : اللائ. وامتلأ البحر بالسفن اللات تشقه طولا وعرضا ، وهى محملة بالبضائع المتنوعة اللاء تنتقل بين أطراف المعمورة ... أو اللاتى أو : اللائى.
(واللات واللاء مبنيتان على الكسر. أما اللاتى واللائ فمبنيتان على السكون). وكلها في محل رفع ، أو :نصب ، أو : جرّ ، على حسب موقعها من الجملة. انظر النحو الوافي ١ / ٢٣٢.
(٢) قال أبو علي الفارسي في إيضاح الشعر : أنشده أحمد بن يحيى ثعلب وقال : يقول : فإن أدع النساء اللاتي أولادهن من رجال قد أضاعوا هؤلاء النساء : أي : لا أهجو النساء ، ولكن أهجو الرجال الذين لم يمنعوهن.
فعلى تفسيره ينبغي أن يكون المبتدأ مضمرا في الصلة ، كأنه قال : فإن أدع اللواتي أولادهن من أناس أضاعوهن فلن يحموهن كما تحمي البعولة أزواجها فلا أدع الذين. والتقدير : إن أدع هجو هؤلاء النساء الضعاف ، لا أدع