وإن جعلت (إياه) للذي ؛ لأن الظن لا بد أن يتعدى إلى مفعولين ولا يجوز أن تعديه إلى واحد ، فإن قلت : المفعول الثاني الهاء محذوفة من (ظننت) فلا يجوز في هذا في الموضع أن تحذف الهاء لأنها ليست براجعة إلى الذي وإنما هي راجعة إلى مذكور قبل الذي وإنما تحذف الهاء من صلة (الذي) متى كانت ترجع إلى (الذي) وكذاك : (الذي أخاه ظننت زيد) ، وإن أضمرت هاء في (ظننت) ترجع إلى الذي جاز ، وإن جعلت الهاء في (أخيه) ترجع إلى (الذي) لم يجز أن تحذف الهاء من (ظننت) لأنها حينئذ لمذكور. غير الذي وإنما جاز حذف الهاء إذا كانت ضمير (الذي) لأنها حينئذ لا يتم الذي إلا بها فتحذف منه لطول الاسم كما حذفوا الياء من اشهيباب فقالوا : اشهباب لطول الاسم.
فأما إذا كانت الهاء ضميرا لغير الذي فقد يجوز أن تخلو الصلة من ذلك البتة فأفهم الفرق بين الضميرين وما يجوز أن يحذف منهما وما لا يجوز حذفه وتقول : (الذي ضارب أخوك) تريد الذي هو ضارب أخوك فتحذف هو وإثباتها أحسن (فهو) مبتدأ وضارب خبره وهما جميعا صلة (الذي) وهو يرجع إلى (الذي).
وتقول : الذي هو وعبد الله ضاربان لي أخواك.
نسقت بعبد الله على (هو) فتقول في هذه المسألة على قول من حذف : (هو الذي وعبد الله ضاربان لي أخوك) عطفت (عبد الله) على (هو) المحذوف وهو عندي قبيح والفراء يجيزه وإنما استقبحته ؛ لأن المحذوف ليس كالموجود ، وإن كنا ننويه ويجب أن يكون بينهما فرق والعطف كالتثنية فإذا جئت بواو وليس قبلها اسم مسموع يعطف عليه كنت بمنزلة من ثنى اسما واحدا لا ثاني له ألا ترى أن العرب قد استقبحت ما هو دون ذلك ، وذلك قولك : (قمت وزيد) يستقبحونه حتى يقولوا : قم أنت وزيد فاذهب أنت وربّك ؛ لأنه لو قال (اذهب وربك) كأن في السمع العطف على الفعل ، وإن كان المعنى غير ذلك وهو يجوز على قبحه وتقول : (الذي هو وعبد الله ضرباني أخوك) ، فإن حذفت (هو) من هذه المسألة لم يجز لا تقول : (الذي وعبد الله ضرباني أخوك) فتضمر (هو) ؛ لأن هو إنما تحذف إذا كان خبر المبتدأ اسما ألا ترى أنك إذا قلت : (الذي هو ضربني زيد) لم يجز أن تحذف (هو) وأنت تريده فتقول : (الذي ضربني زيد) ؛