قال : الكواكب البابانيات ، هي التي لا تَنزل بها شَمس ولا قَمر ، إنما يُهْتَدى بها في البَر والبحر ، وهي شآميّة ، ومهبُّ الشمال منها ، أوّلها القُطب ، هو كوكب لا يَزُول ، والجَدي والفَرْقدان ، وهو بَيْن القُطب ، وفيه بَنات نَعش الصُّغرى.
وقال أبو عمرو : سمعت المبرد يقول : إذا كان الاسم الذي يجيء بعد «بينا» اسماً حقيقيّاً رفعتَه بالابتداء. وإن كان اسماً مَصْدريًّا خَفضته ، وتكون «بينا» في هذه الحال بمعنى «بين».
قال : فسألت أحمد بن يحيى عنه أُعْلمه ، فقال : هذا الدّر ، إلّا أن من الفُصحاء مَن يرفع الاسم الذي بعد «بينا» وإن كان مصدريًّا ، فيُلحقه بالاسم الحقيقي ؛ وأنشد بيت الخليل بن أحمد :
بَيْنا غِنَى بيتٍ وبَهْجتِه |
ذَهَب الغِنى وتَقَوَّض البَيْتُ |
وجائز : وبَهْجتُه.
قال : وأما «بينما» فالاسم الذي بعده مرفوع ، وكذلك المَصْدَر.
وقال الليث : البَيِّن من الرجال : الفَصيح.
والبَيان : الفَصاحة.
كلام بَيِّن : فَصيح.
وقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «ألا إن التَّبْيين من الله والعَجلة من الشَّيطان فتَبَيَّنوا».
قال أبو عبيدة : قال الكسائي وغيره : التَّبْيين : التثّبت في الأمر والتأنّي فيه.
وقُرىء قول الله تعالى : (إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا) [النساء : ٩٤].
وقرىء : «فتثبَّتوا» ، والمعنيان مُتقاربان.
وكذلك قوله تعالى في سَجدة (١) الحُجُرات (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) [الحجرات : ٦] ، و «تَثَبَّتوا» ، قُرىء بالوجهين أيضاً.
شَمِر ، قال ابن شُميل : البَيِّن من الرِّجال : السَّمْح اللِّسان ، الفصيح الظَّريف ، العالي القليل الرَّتَج.
وقوم أَبيناء ؛ وأنشد شَمر :
قد يَنْطِقُ الشِّعْرَ الغَبِيُّ ويَلْتَئِي |
على البَيِّن السَّفّاك وهو خَطِيبُ |
قوله : يلتئي ، أي : يُبطىء ، من «اللأي» ، وهو الإبطاء.
ورُوي عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «إن من البَيان لَسِحْراً».
قال أبو عُبيد : البيان ، هو : الفهم وذكاء القَلب مع اللَّسَن.
قال : ومعناه : أنه يَبلغ من بيان ذي الفَصاحة أنه يَمدح الإنسان فيُصدَّق فيه حتى يَصْرِف القُلوب إلى قوله وحُبّه ، ثم يَذُمّه فيصدَّق فيه حتى يصرف القلوب إلى
__________________
(١) كذا في المطبوع ، وسيكرر ذلك في (ص ٣٣٥): «سجدة براءة».