لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً» (١). يقول الراغب الأصفهانى فى تفسيرها : «البلاغة تقال على وجهين :
أحدهما : أن يكون بذاته بليغا ، وذلك بأن يجمع ثلاثة أوصاف : صوابا فى موضوع لغته ، وطبقا للمعنى المقصود ، وصدقا فى نفسه. ومتى اخترم وصف من ذلك كان ناقصا فى البلاغة.
والثانى : أن يكون بليغا باعتبار القائل والمقول له ، وهو أن يقصد القائل أمرا فيرده على وجه حقيق أن يقبله المقول له. وقوله تعالى : (وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً) يصح حمله على المعنيين» (٢).
وذهب الزمخشرى مذهبا نفسيا فى تفسيرها ، وأشار إلى تأثيرها رمزا فى قوله : «قل لهم قولا بليغا مؤثرا فى قلوبهم يغتمون به اغتماما ويستشعرون منه الخوف استشعائرا» (٣).
فى الحديث :
وليس فى أحاديث النبى ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ما يشير إلى هذا المعنى مع كثرة ما جاء من مشتقاتها فى كلامه (٤). فقد ورد عنه قوله : «إنّ الله يبغض البليغ الذى يتخلل بلسانه». وجاء عنه أنه عاب فيه المتشادقين والثرثارين والذى يتخلل بلسانه تخلل الباقرة بلسانها (٥).
فى التراث :
ولا نكاد نعثر على بغيتنا فى فترة صدر الإسلام ، وحينما جاء العصر الأموى نجد معاوية بن أبى سفيان يسأل صحارا بن عياش : «ما هذه البلاغة
__________________
(١) النساء ٦٣.
(٢) المفردات فى غريب القرآن ص ٦٠.
(٣) الكشاف ج ١ ص ٤٠٧.
(٤) النهاية فى غريب الحديث والأثر ج ١ ص ١٥٢.
(٥) البيان والتبيين ج ١ ص ٢٧١.