والاطناب ، وهو تجاوز لا يبعد عن الجملتين فى أكثر الأحيان. وكان أكثر البلاغيين تمسكا بهذا المنهج رجال المدرسة الكلامية كالسكاكى والقزوينى وشراح التلخيص ، أما عبد القاهر الجرجانى وضياء الدين بن الأثير وغيرهما من أعلام المدرسة الأدبية فلم يتجهوا هذا الاتجاه ولم ينحوا هذا المنحى ، وإنّما كانوا يحكّمون الذوق ويتحسسون مواطن الجمال فى الكلام. ونتج عن ذلك أن مزقت البلاغة شر ممزق فكان الحذف فى عدة مواضع ، والذكر فى أبواب متفرقة ، لأنهما درسا فى المسند إليه مرة وفى المسند تارة وفى متعلقات الفعل تارة ثالثة. ومثل هذا يقال فى الموضوعات التى بحثها عبد القاهر وابن الأثير فى فصول موحدة جمعت الروعة والنفع ، وإنارة السبيل ، وتهذيب الذوق وتنمية الملكة الأدبية.
المسند إليه :
وهو المحكوم عليه أو المخبر عنه ، ففى قوله تعالى : (وَعَدَ اللهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْكُفَّارَ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها هِيَ حَسْبُهُمْ ، وَلَعَنَهُمُ اللهُ وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ)(١) ، أسند الوعد إلى الله سبحانه وتعالى ، فلفظ الجلالة مسند إليه ، و «الوعد» مسند.
وفى قول المتنبى :
طوى الجزيرة حتى جاءنى خبر |
|
فزعت فيه بآمالى إلى الكذب |
أسند طى الجزيرة إلى الخبر ، فـ «الخبر» مسند إليه.
ومواضع المسند إليه هى :
١ ـ الفاعل للفعل التام وشبهه : ومن الأول قوله تعالى : (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ)(٢) ، فـ «أمر» مسند إليه لأنه فاعل لـ «أتى».
__________________
(١) التوبة ٦٨.
(٢) النحل ١.