المساواة
تلك أساليب الإيجاز والإطناب ، وما عدا ذلك فهو أسلوب المساواة التى عرفها البلاغيون بأنها تساوى اللفظ والمعنى بحيث لا يزيد أحدهما على الآخر (١) أو هى «أن يكون اللفظ بمقدار أصل المراد لا ناقصا عنه بحذف أو غيره ، ولا زائدا عليه بنحو تكرير أو تتميم أو اعتراض» (٢).
ومعرفة أساليب الإيجاز والإطناب تحدد أسلوب المساواة ، ولذلك لم نشر إليها فى مطلع هذا الفصل كما فعل البلاغيون وإن كان تعريف بدر الدين ابن مالك يشير إلى أنّها لا تعرف إلا بعد تحديد الإيجاز والإطناب. يقول : «أما المساواة وهو أن يكون لفظ الكلام بمقدار معناه لا ناقصا عنه بحذف للاختصار ولا زائدا عليه بمثل الاعتراض والتتميم والتكرار» (٣). ومعنى ذلك أنّ معرفتها رهينة بأساليب الإيجاز والإطناب ، فهى تالية لها فى العرض والتحديد. ومن أجل ذلك تأخّر الحديث عنها ليسهل التمييز ويتضح القصد ، أما الاتفاق على متعارف الأوساط فهو أمر من الصعب تحديده ليقاس عليه ، وذلك لاختلاف الناس فى هذا المتعارف وتعدد الأغراض والأهداف التى ترسم الأسلوب الذى يقاس عليه الإيجاز والإطناب.
ويرى أبو هلال العسكرى أنّ المساواة هى المذهب المتوسط بين الإيجاز والإطناب ، وإلى ذلك أشار القائل بقوله : «كأنّ ألفاظه قوالب لمعانيه» أى : لا يزيد بعضها على بعض (٤).
__________________
(١) ينظر سر الفصاحة ص ٢٤٣ ، والتبيان فى علم البيان ص ١٨٠ ، وبديع القرآن ص ٧٩ ، وتحرير التحبير ص ١٩٧ ، والمثل السائر ج ٢ ص ٧٨ ، والفوائد ص ١٧٨ ، والطراز ج ٣ ص ٣٢٢ ، وخزانة الأدب ص ٤٥٩.
(٢) الإيضاح ص ١٧٧.
(٣) المصباح ص ٣٥.
(٤) كتلت الصناعتين ص ١٧٧.