البلاغيين غير أن الذين عنوا بعلوم القرآن يبحثونه بصورة أخرى ويقسمونه تقسيما آخر ، فالزركشى (١) يقسمه إلى : الاستفهام بمعنى الخبر وهو ضربان :
أحدهما : نفى ، ويسمى استفهام إنكار ، والمعنى فيه على أنّ ما بعد الأداة منفى ، ولذلك تصحبه «إلّا» كقوله تعالى : (فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ)(٢).
والثانى : إثبات ، ويسمى استفهام تقرير ، كقوله تعالى : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ)(٣) أى : أنا ربكم. ويأتى هذا على وجوه كثير منها : مجرد الإثبات ، والاثبات مع الافتخار ، والتوبيخ والعقاب ، والتبكيت ، والتسوية ، والتعظيم ، والتهويل ، والتسهيل والتخفيف ، والتفجع ، والتكثير ، والاسترشاد.
والقسم الثانى : الاستفهام المراد به الإنشاء ، وهو على ضروب : مجرد الطلب ، والنهى ، والتحذير ، والتذكير ، والتنبيه ، والترغيب ، والدعاء ، والعرض ، والتحضيض ، والاستبطاء ، والإياس ، والإيناس ، والتهكم ، والاستهزاء ، والتحقير ، والتعجب ، والاستبعاد ، والتوبيخ.
وهذا التقسيم أكثر دقة غير أنّ التمييز بين أغراض النوعين صعب ، ولذلك كان الجمع بين النوعين أكثر سهولة وأقرب إلى المدارك كما فعل علماء البلاغة.
الرابع ـ التمنى :
التمنى توقع أمر محبوب فى المستقبل ، والفرق بينه وبين الترجى ، أنّه يدخل المستحيلات والترجى لا يكون إلّا فى الممكنات (٤). ولكن البلاغيين يميزون بين نوعين فى التمنى :
__________________
(١) ينظر كتابه البرهان فى علوم القرآن ج ٢ ص ٣٢٦ وما بعدها.
(٢) الأحقاف ٣٥.
(٣) الأعراف ١٧٢.
(٤) البرهان فى علوم القرآن ج ٢ ص ٣٢٣.