ومثال ما يكره قول المتنبى :
مبارك الاسم أغرّ اللقب |
|
كريم الجرشّى شريف النسب (١) |
فانك تجد فى «الجرشى» تأليفا يكرهه السمع وينبو عنه ، وأين كلمة «النفس» من هذه اللفظة الثقيلة؟
الثالث : أن تكون الكلمة غير متوعرة وحشية كقول أبى تمام :
لقد طلعت فى وجه مصر بوجهه |
|
بلا طائر سعد ولا طائر كهل |
فان «كهلا» هنا من غريب اللغة ، وروى أنّ الأصمعى لم يعرف هذه الكلمة وأنّها ليست موجودة إلّا فى شعر بعض الهذليين وهو قوله :
فلو أنّ سلمى جاره أو أجاره |
|
رياح بن سعد ردّه طائر كهل |
وقيل : إنّ الكهل الضخم ، وهى لفظة ليست قبيحة التأليف لكنها وحشية غريبة لا يعرفها مثل الأصمعى.
ولهذا اعتمد الحذاق من الشعراء على اختيار أسماء المنازل والنساء فى الغزل وتجنبوا ما لا يحسن لفظه ، وعابوا على جرير قوله :
وتقول بوزع قد دببت على العصا |
|
هلا هزئت بغيرنا يا بوزع |
وذكروا أنّ الوليد بن عبد الملك قال له : أفسدت شعرك بـ «بوزع».
وقد قال ابن سنان : «وأنا أكره من قول كثير بن عبد الرحمن صاحب عزة :
وما روضة بالحزن طيبة الثرى |
|
يمجّ الندى جثجاثها وعرارها |
ذكر «الجثجاث» لأنه اسم غير مختار ، ولو أمكنه ذكر غيره كان عندى أليق وأوفق. ولا أحب أيضا تسمية أبى تمام صاحبه ـ علاثة ـ ونداءه بالترخيم فى قوله :
__________________
(١) كريم الجرشى : كريم النفس.