والفصاحة ـ عنده : «الظهور والبيان» (١) ، والفرق بينها وبين البلاغة» أنّ الفصاحة مقصورة على وصف الألفاظ والبلاغة لا تكون إلّا وصفا للألفاظ مع المعانى. لا يقال فى كلمة واحدة لا تدل على معنى يفضل عن مثلها بليغة وإن قيل فيها فصيحة ، وكل كلام بليغ فصيح ، وليس كل فصيح بليغا» (٢).
ولكى تكون اللفظة الواحدة فصيحة ينبغى أن تتوفر فيها بعض الشروط قال : «إنّ الفصاحة على ما قدمنا نعت للألفاظ إذا وجدت على شروط عدة ومتى تكاملت تلك الشروط فلا مزيد على فصاحة تلك الألفاظ وبحسب الموجود منها تأخذ القسط من الوصف وبوجود أضدادها تستحق الاطّراح والذم. وتلك الشروط تنقسم قسمين :
فالأول منها : يوجد فى اللفظة الواحدة على انفرادها من غير أن ينضم إليها شىء من الألفاظ وتؤلف معه.
والقسم الثانى : «يوجد فى الألفاظ المنظومة بعضها مع بعض» (٣)
فأما الذى يوجد فى اللفظة الواحدة فثمانية أشياء :
الأول : أن يكون تأليف تلك اللفظة من حروف متباعدة المخارج ، وعلة ذلك أنّ الحروف التى هى أصوات تجرى من السمع مجرى الألوان من البصر ، ولا شك فى أنّ الألوان المتباينة إذا جمعت كانت فى المنظر أحسن من الألوان المتقاربة ، ولهذا كان البياض مع السواد أحسن منه مع الصفرة.
ومثال التأليف من الحروف المتباعدة كثير جل كلام العرب عليه ، فأما تأليف الحروف المتقاربة فمثل «الهعخع» ، وقد روى أنّ الخليل بن أحمد الفراهيدى قال : «سمعنا كلمة شنعاء هى «الهعخع» وأنكرنا تأليفها.
__________________
(١) سر الفصاحة ، ص ٥٩.
(٢) سر الفصاحة ، ص ٦٠.
(٣) سر الفصاحة ، ص ٦٥.