وتحدث ابن رشيق عن الإيجاز وذكر تعريف الرمانى وهو : «الإيجاز هو العبارة عن الغرض بأقل ما يمكن من الحروف» وقسّمه إلى نوعيه المعروفين (١).
وعقد ابن سنان له بحثا وسمّاه «الإشارة» وقال عنه : «هو أن يكون المعنى زائدا على اللفظ ، أى أنّه لفظ موجز يدل على معنى طويل على وجه الإشارة واللمحة» (٢). والمختار عنده فى الفصاحة والدال على البلاغة هو أن يكون المعنى مساويا للفظ أو زائدا عليه ، أى أن يكون اللفظ القليل يدل على الكثير دلالة واضحة ظاهرة لا أن تكون الألفاظ لفرط إيجازها قد ألبست المعنى وأغمضته حتى يحتاج فى استنباطه إلى طرف من التأمل ودقيق الفكر.
وعرّف الرازى الإيجاز بقوله : «وحده أنّه العبارة عن الغرض بأقل ما يمكن من الحروف من غير إخلال» (٣).
وقال السكاكى إنّ الإيجاز والإطناب ـ كما سبق ـ من الأمور النسبية كالأبوة والبنوة وهى التى يتوقف تعقلها على تعقل غيرها ، فإنّ الكلام الموجز إنّما يدرك من حيث وصفه بالإيجاز بالقياس إلى كلام آخر أكثر منه ، وكذلك المطنب إنّما يدرك من حيث وصفه بالإطناب إلى كلام آخر يكون أقل منه.
وتحدث عنه ابن الأثير وعقد له فصلا فى «المثل السائر» وفصلا فى «الجامع الكبير» وقال فى تعريفه : «هو حذف زيادات الألفاظ» (٤) ، وهذا النوع من الأساليب شريف لا يتعلق به إلّا فرسان البلاغة ، وذلك لعلو منزلته وبعد مناله. ثم قال بعد أن مهد لبحثه : «حد الإيجاز هو دلالة اللفظ
__________________
(١) العمدة ج ١ ص ٢٢١.
(٢) سر الفصاحة ص ٢٤٣.
(٣) نهاية الإيجاز ص ١٤٥.
(٤) المثل السائر ج ٢ ص ٧١ ، والجامع الكبير ص ١٢٢.