ومن أمثلة كون الجملة الثانية توكيدا للأولى قول المتنبى :
وما الدّهر إلّا من رواة قصائدى |
|
إذا قلت شعرا أصبح الدهر منشدا |
فالجملة «إذا قلت ...» توكيد للأولى ، لأنّ معنى الجملتين واحد.
ومنه قول الشاعر :
يهوى الثناء مبرز ومقصّر |
|
حبّ الثناء طبيعة الإنسان |
فالجملة «حب الثناء ...» توكيد للأولى ، لأنّ معنى الجملتين واحد.
٢ ـ أن تكون الجملة الثانية بدلا من الأولى ، والمقتضى للإبدال كون الأولى غير وافية بتمام المراد بخلاف الثانية والمقام يقتضى اعتناء بشأنه لنكتة ككونه مطلوبا فى نفسه أو فظيعا أو عجيبا أو لطيفا ، وهو ضربان :
أحدهما : أن تنزل الثانية من الأولى منزلة بدل البعض (١) من متبوعه ، كقوله تعالى : (أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ. أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ. وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ)(٢) فانه مسوق للتنبيه على نعم الله تعالى عند المخاطبين ، وقوله : (أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ. وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) أوفى بتأديته مما قبله لدلالته عليها بالتفصيل من غير إحالة على علمهم مع كونهم معاندين ، والإمداد بما ذكر من الأنعام وغيرها بعض الإمداد بما يعلمون ، ويحتمل الاستئناف.
وثانيهما : أن تنزل الثانية من الأولى منزلة بدل الاشتمال (٣) من متبوعه كقوله تعالى : (اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ. اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ)(٤) فانّ المراد به حمل المخاطبين على اتباع الرسل ، وقوله :
__________________
(١) بدل البعض : هو بدل الجزء من كله قليلا كان ذلك الجزء أو مساويا للنصف أو أكثر منه. مثل : «جاء الطلاب ربعهم أو نصفهم أو ثلثاهم».
(٢) الشعراء ١٣٢ ـ ١٣٤.
(٣) بدل الاشتمال : هو بدل الشىء مما يشتمل عليه على شرط أن لا يكون جزءا منه. مثل : «نفعنى المعلم علمه» و «أعجبت خالدا شجاعته».
(٤) يس ٢٠ ـ ٢١.