وكأن هذا الكلام تفسير للكلام الوارد عند سيبويه لأن أفعل التفضيل ، لا يكون جمعا إلا بشرط تحليته بالألف واللام ، والأصل في هذا كله هو وجود حرف الجر «من» وعدم وجوده ، فإذا وجد هذا الحرف مع صيغة أفعل التفضيل فإنه يجب فيه الإفراد والتذكير ، وإذا حذف فإنه تجب فيه المطابقة من حيث الإفراد والتثنية والجمع مذكرا كان أو مؤنثا ، فكلمة «أخر» بالرغم من كونها جمعا تأتي مجردة من «أل». ويعقب الزجاج على هذا بقوله : «والذي أذهب إليه من «أخر» اجتمع فيها : أنها استعملت بغير ألف ولام ، وأدت عن حقيقة «أخر منك» فأدت عن معنى الصفة وهذا كأنه شرح لمذهب سيبويه» (١).
ويقول المبرّد : «فأما» «أخر» فلو لا العدل انصرفت ؛ لأنها جمع أخرى فإنما هي بمنزلة الظلم ، والنقب ، والحذر ، ومثلها مما هو على وزنها : الكبرى والكبر ، والصغرى والصغر .. وذلك أن «أفعل» الذي معه من كذا وكذا ، لا يكون إلا موصولا بمن ، أو تلحقه الألف واللام نحو قولك : «هذا أفضل منك ، وهذا الأفضل وهذه الفضلى .. فكان حق (آخر) أن يكون معه (من) نحو قولك : جاءني زيد ورجل آخر .. فلما جمعناها فقلنا : «أخر» كانت معدولة عن الألف واللام فذلك الذي منعها الصرف. قال الله عزّ وجل : (وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ) وقال : (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)(٢).
وجاء في كتاب «معاني القرآن وإعرابه» للزجاج أن الخليل وسيبويه
__________________
(١) ما ينصرف ٤١.
(٢) المقتضب ٣ / ٣٧٦ ـ ٣٧٧.