٦ : وقد رواها ايضا الشريف الرضي في نهج البلاغة : قال وقد تواترت عليه الأخبار ـ بالاستيلاء أصحاب معاوية على البلاد وقدم عليه عاملاه على اليمن وهما عبيد الله بن عباس وسعيد بن نمران لما غلب عليهما بسر بن أبي أرطاة فقام عليهالسلام على المنبر ضجراً بتثاقل أصحابه عن الجهاد ومخالفتهم له في الرأي فقال مَا هِيَ إلَّا الْكُوفَةُ أَقْبِضُهَا وأَبْسُطُهَا ـ إِنْ لَمْ تَكُونِي إِلَّا أَنْتِ تَهُبُّأَعَاصِيرُكِ فَقَبَّحَكِ الله ـ وتَمَثَّلَ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ :
لَعَمْرُ أَبِيكَ الْخَيْرِ يَا عَمْرُو إِنَّنِي |
|
عَلَى وَضَرٍ مِنْ ذَا الإِنَاءِ قَلِيلِ |
ثُمَّ قَالَ عليهالسلام أُنْبِئْتُ بُسْراً قَدِ اطَّلَعَ الْيَمَنَ ـ وإِنِّي والله لأَظُنُّ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ سَيُدَالُونَ مِنْكُمْ بِاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى بَاطِلِهِمْ وتَفَرُّقِكُمْ عَنْ حَقَّكُمْ ، وبِمَعْصِيَتِكُمْ إِمَامَكُمْ فِي الْحَقِّ وطَاعَتِهِمْ إِمَامَهُمْ فِي الْبَاطِلِ ، وبِأَدَائِهِمُ الأَمَانَةَ إِلَى صَحِبِهِمْ وخِيَانَتِكُمْ ، وبِصَلَاحِهِمْ فِي بِلَادِهِمْ وفَسَادِكُمْ ، فَلَوِ ائْتَمَنْتُ أَحَدَكُمْ عَلَى قَعْبٍ ، لَخَشِيتُ أَنْ يَذْهَبَ بِعِلَاقَتِه ، اللهُمَّ إِنِّي قَدْ مَلِلْتُهُمْ ومِلُّونِي وسَئِمْتُهُمْ وسَئِمُونِي ، فَأَبْدِلْنِي بِهِمْ خَيْراً مِنْهُمْ وأَبْدِلْهُمُ بِي شَرّاً مِنِّي ، اللهُمَّ مِثْ قُلُوبَهُمْ كَمَا يُمَاثُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ ، أَمَا والله لَوَدِدْتُ أَنَّ لِي بِكُمْ أَلْفَ فَارِسٍ ، مِنْ بَنِي فِرَاسِ بْنِ غَنْمٍ ، هُنَالِكَ لَوْ دَعَوْتَ أَتَاكَ مِنْهُمْ فَوَارِسُ مِثْلُ أَرْمِيَةِ الحَمِيمِ ، ثم نزل عليهالسلام من المنبر.
قال السيد الشريف : أقول الأرمية جمع رميّ وهو السحاب والحميم ها هنا وقت الصيف وإنما خص الشاعر سحاب الصيف بالذكر لأنه أشد جفولا وأسرع خفوفا لأنه لا ماء فيه وإنما يكون الصحاب ثقيل السير لامتلائه بالماء وذلك لا يكون في الأكثر إلا زمان الشتاء وإنما أراد الشاعر وصفهم بالسرعة إذا دعوا والإغاثة إذا استغيثوا. (١)
وهذه الخطبة موضوعة ايضا على لسانه عليهالسلام فقد رواها المسعودي قال حدثنا المنقري ، قال : حدثنا عبد العزيز بن الخطاب الكوفي ، قال : حدثنا فضيل بن مرزوق ، قال : لما غلب بُسر بن ارطاة على اليمن ، وكان من قبله لابني عبيد الله بن عباس ـ وكان لأهل مكة والمدينة واليمن ـ ما كان ، قام علي بن أبي طالب رضياللهعنه خطيباً فحمد الله واثنى عليه ، وصلى على نبيه محمد صلىاللهعليهوسلم ، ثم قال : ان بسر بن ارطاة قد غلب على اليمن ، والله ما أرى هؤلاء القوم الا سيغلبون على ما في
__________________
(١) نهج البلاغة ـ خطب الإمام علي (ع) (تحقيق صالح) ص ٦٦ ـ ٦٧.