والسلام. (١)
__________________
(١) البلاذري ، أنساب الأشراف ، ج ٣ ص ٥٢ ـ ٥٣. أقول : وقد روى ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق : ج ١٨ ص ١٨٧ عن عبد الله بن الضحاك قال : أنبأنا هشام بن محمد ، عن أبيه قال : كان سعيد بن سرح مولى حبيب بن عبد شمس لعلي بن أبي طالب ، فلما قدم زياد الكوفة واليا عليها ، أخافه وطلبه زياد ، فأتى (سعيد الإمام) الحسن بن علي ، فوثب زياد على أخيه وولده وامرأته فحبسهم وأخذ ماله وهدم داره! فكتب (الإمام) الحسن إلى زياد : من الحسن بن علي إلى زياد ، أما بعد فإنك عمدت إلى رجل من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم فهدمت داره وأخذت ماله وعياله فحبستهم. فإذا أتاك كتابي هذا فابن له داره واردد علهي عياله وماله فإني قد أجرته فشفعني فيه. فكتب إليه زياد : من زياد بن أبي سفيان ، الى الحسن بن فاطمة ، أما بعد فقد أتاني كتابك تبدأ فيه بنفسك قبلي وأنت طالب حاجة؟! وأنا سلطان وأنت سوقة! كتبت إلي في فاسق لا يؤويه إلا مثله! وشر من ذلك توليه أباك وإياك! وقد علمت أنك أدنيته إقامة منك على سوء الرأي ورضى منك بذلك! وأيم الله لا تسبقني به ولو كان بين جلدك ولحمك ، وإن فلت بعضك فغير رفيق بك ولا مرع عليه ، فإن أحب لحم إلي (أن) آكله للحم الذي أنت منه! فأسلمه بجريرته إلى من هو أولى منك؟! فإن عفوت عنه لم أكن شفعتك فيه ، وإن قتلته لم أقتله إلا بحبه إياك! فلما قرأ الحسن عليهالسلام الكتاب تبسم وكتب إلى معاوية يذكر له حال ابن سرح ، وكتابه إلى زياد فيه وإجابة زياد إياه ، ولف كتابه وبعث به إلى معاوية ، فلما وصل كتاب الحسن إلى معاوية ، وقرأ معاوية الكتاب ضاقت به الشام وكتب إلى زياد : أما بعد فإن الحسن بن علي بعث بكتابك إلي جواب كتابه إليك في ابن سرح ، فأكثرت التعجب منك ، وعلمت أن لك رأيين : أحدهما من أبي سفيان ، والآخر من سمية ، فأما الذي من أبي سفيان فحلم وحزم ، وأما رأيك من سمية فما يكون (من) رأي مثلها؟! ومن ذلك كتابك إلى الحسن تشتم أباه وتعرض له بالفسق ، ولعمري لأنت أولى بالفسق من الحسن ، ولأبوك إذ كنت تنسب إلى عبيد أولى بالفسق من أبيه ، وإن الحسن بدء بنفسه إلى من هو أول به منك ، فإذا أتاك كتابي فخل ما في يدك لسعيد بن سرح ، وابن له داره ولا تعرض له ، واردد علهي ما له فقد كتبت إلى الحسن أن يخير صاحبه إن شاء أقام عنده وإن شاء رجع إلى بلده. وليس لك عليه سلطان بيد ولا لسان. وأما كتابك إلى الحسن باسم أمه ولا تنسبه إلى أبيه ، فإن الحسن ـ ويلك ـ من لا يرمى به الرجوان ، أفإلى أمه وكلته لا أم لك؟ (و) هي فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وتلك أفخر له إن كنت تعقل. وكتب في أسفل الكتاب :
تدارك ما ضيعت من خيرة |
|
وأنت أريب بالأمور خبير |
أما حسن فابن الذي كان قبله (كذا) |
|
إذا سار سار الموت حيث يسير |
وهل يلد الرئبال إلا نظيره |
|
فذا حسن شبه له ونظير |
ولكنه لو يوزن الحلم والحجى |
|
برأي لقالوا فاعلمن ثبير |
قال العلاء قرأت هذا الخبر على ابن عائشة فقال : ان قول (فلما قدم زياد الكوفة واليا عليها ، أخافه وطلبه زياد ، فأتى (سعيد الإمام الحسن بن علي) اشتباه من الراوي فان زياد لم يول على الكوفة الا بعد وفاة الحسن ووفاة المغيرة بن شعبة.