منهم ، ولكنك تذهب إلى الوراقين ـ باعة الكتب ـ والمكاتب العامة فتجلس إلى العلماء من فلاسفة وفقهاء ومتصوفه وحكماء ووعاظ وادباء وساسه وشعراء فتجادلهم وتناظرهم وتفلجهم بالحجة حينا ويفلجونك ، انت صامت وهم صامتون أنت متكلم وهم متكلمون ، وفي ظل هذا النقاش الصامت تتعرف عليهم وتلتقي بهم فتكون منهم على اوثق ما يكون من الصلاة.
وليست الصلة بالاجسام مما تستريح إليها جميع الاذواق وتلتذ بها جميع النفوس ، ولكن صلة النفس بالنفس هي التي تتنعم بها النفوس وتلتذ بها العقول بما تفيض عليهما من الوان المعاني من كل بديع وكل دقيق.
* * *
أنا لم اشاهد السيد محمد بن عقيل ولم اتعرف عليه بالمشاهدة ولكن في المكتبة تعرفت عليه واجتمعت مع هذا الرجل ، الكبير في ادبه ، الواسع في اطلاعه ، الصريح في أنصافه. في المكتبة عرفته وساجلته في الحديث ، وفي المكتبة يتعرف عليه كل من لا يعرفه ويريد ان يتعرف عليه وفي المكتبة يستطيع القارئ ان يتعرف على العلماء ، والفلاسفة والحكماء ، والادباء والشعراء ، والمؤرخين والمحدثين ، بل يجتمع مع الانبياء والمرسلين ، وان كانوا جميعا قد غيبتهم الارض وأكلت لحومهم ونخرت عظامهم.
وأنا أيضا التقي معك يا قارئي هنا وان كانت أنا في شرق الارض وانت في غربها.
وبعد ـ فلا اظن ان أحدا يجادلني إذا ما قلت اني التقيت مع الشريف محمد بن عقيل ولم أره ، وتعرفت عليه ولم اشاهده ، لان الكتاب عنوان مؤلفه ويعطي صورة عنه تسير مع الاجيال مادام الكتاب موجودا يقرأ ويتعرف عليه كل من يقرأ كتابه ، ولا أريد الكليه المنطقية المسورة بكل ولكنه في الكثير الغالب وانما اقيده بالغالب لان في طبقات القارئين من لا يأخذ