وإنما لم يأتوا بها في : عليّ ، وإليّ ، ولديّ ، وإن كان آخرها ألفا أيضا ، ساكنا سكونا لازما ، لأمنهم من انكسار ذلك الساكن لكونه حرف علة ، وذلك أن ما قبل ياء المتكلم ، إذا كان ألفا ، أو واوا ، أو ياء ، تحركت الياء (١) بالفتح ، وبقي ما قبلها على سكونه ، كما تبيّن في باب الإضافة فلذلك لم يجلبوا نون الوقاية في نحو : فتاي ورحاي وعصاي وقاضيّ ومسلميّ في مسلمين ، وعشري ومسلميّ في : عشرون ومسلمون ، أو عشرين ومسلمين ؛
فإن قلت : فكان يجب ألّا تجلب في نحو : يدعوني ، وضربوني ، واضربوني ، ورماني وضرباني ، واضرباني واضربيني ، وأن يقولوا : يدعيّ ، وضربيّ واضربيّ ، ورماي ، وضرباي واضرباي واضربيّ ؛
قلت : ذلك إجراء لباب الفعل مجرى واحدا ، وحملا للفرع على الأصل ، لأن أصل الفعل هو الصحيح اللام الخالي من الضمائر المرفوعة المتصلة ، ولو لم تجلب له نون الوقاية لدخله الكسر ، فحمل عليه ما لم يكن ليدخله الكسر مع عدم النون أيضا ، وهو المعتل اللام ، والمتصل به الضمائر المذكورة ؛
قوله : «وإن وأخواتها» ، يعني بأخواتها : أنّ ، ولكنّ ، وكأنّ ؛ وأمّا ليت ولعلّ ، فسيجيء حكمهما بعد ،
وإنما جاز إلحاق نون الوقاية بأنّ وأخواتها لمشابهتها الفعل على ما يجيء في الحروف ، وأمّا جواز حذفها فلأن الإلحاق للمشابهة لا بالأصالة ، ولاجتماع الأمثال في : إن وأن وكأنّ ولكنّ ، إن الحقت مع كثرة استعمالها ؛
قوله : «ويختار في ليت» ، المشهور في «ليت» أن حذف نون الوقاية لا يجوز فيه إلا لضرورة الشعر ، لا في السعة ، كذا قال سيبويه (٢) وغيره ، قال :
__________________
(١) أي ياء المتكلم الواقعة بعد أحد هذه الثلاثة.
(٢) انظر الكتاب ج ١ ص ٣٨٦.