وصيرورته من جملته بالاتصال ؛ ووجه انفصاله أن المتصل الأول فضلة ، ليس اتصاله كاتصال المرفوع ؛
والانفصال في باب «خلت» أولى منه في باب «أعطيت» لأن المفعول الأول في باب «أعطيت» ، فاعل من حيث المعنى ، كما مضى في باب ما لم يسمّ فاعله (١) ، فكأنّ الثاني اتصل بضمير الفاعل ، وفي مفعولي «خلت» ، فإذا بعد (٢) رائحة المبتدأ والخبر اللذين حقهما الانفصال ووجب اتصال أولهما لقربه من الفعل ، فالأولى في الثاني الانفصال رعاية لأصله ؛
والثاني ، أعني الأعرف ، يجب انفصاله عند سيبويه ؛ وحكى سيبويه (٣) عن النحاة تجويز الاتصال أيضا نحو : أعطاهوك وأعطاهاني ، قال : (٤) إنما هو شيء قاسوه ، ولم تتكلم به العرب ، فوضعوا الحروف غير موضعها ؛
واستجاد المبرد مذهب النحاة ؛
وإنما لم يجىء في الثاني الاتصال ههنا سماعا ، لأن الثاني أشرف من الأول بكونه أعرف فيأنف من كونه متعلقا بما هو أدنى منه ، والذي جوّز ذلك قياسا لا سماعا ، نظر إلى مجرّد كون الأول متصلا ؛
وأمّا الثالث ، أعني المساوي للمتصل المنصوب فنقول :
إن كانا غائبين نحو : أعطاهوها ، وأعطاهاه ، قال سيبويه : جاز الاتصال ، وهو عربي ، لكنه ليس بالكثير في كلامهم ، بل الأكثر : انفصال الثاني ؛ وإن لم يكونا غائبين ، فالمبرد يجيز اتصال الثاني ويستحسنه قياسا على الغائبين ، ومنعه سيبويه ، وألزم النحاة القائلين بجواز : أعطاهوك ، وأعطاهاني تجويز : منحتنيني ، أي : منحتني نفسي ، وهذا
__________________
(١) ص ٢٢١ من الجزء الأول
(٢) تعليل لأولوية الانفصال في باب خلت ، فكأنه قال وأما في مفعولي خلت الخ ..
(٣) كلام سيبويه في هذا الموضع منقول بشيء من التصرف وهو في الكتاب ج ١ ص ٣٨٤ وما بعدها ؛
(٤) أي سيبويه ؛