القياس أن يبيّنوه بالتاء المضمومة نحو : أنت إلا أن المتكلم لما كان أصلا ، جعلوا ترك العلامة له علامة ، وبيّنوا المخاطبين بتاء حرفية بعد «أن» كالاسمية (١) في اللفظ وفي التصرف ؛
ومذهب الفراء أنّ «أنت» بكماله : اسم ، والتاء من نفس الكلمة ؛
وقال بعضهم : إن الضمير المرفوع هو التاء المتصرفة (٢) ، فكانت مرفوعة متصلة ، فلما أرادوا انفصالها : دعموها بأن ، المستقل لفظا ، كما هو مذهب الكوفيين وابن كيسان في : إياك وأخواته ، وهو أن الكاف المتصرفة كانت متصلة فأرادوا استقلالها لفظا لتصير منفصلة ، فجعلوا «إيّا» عمادا لها ، فالضمائر التي تلي إيا ، وإيا عماد لها ؛
وما أرى هذا القول بعيدا من الصواب في الموضعين ؛
وقالوا في الغائب : هو ، وهما ، وهم ، وهي ، وهما ، وهنّ ؛ فالواو ، والياء في هو ، وهي ، عند البصريين ، من أصل الكلمة ، وعند الكوفيين للاشباع والضمير هو الهاء وحدها ، بدليل التثنية والجمع فإنك تحذفهما فيهما ؛ والأوّل هو الوجه ، لأن حرف الإشباع لا يتحرك ، وأيضا حرف الاشباع لا يثبت إلا ضرورة ؛
وإنما حرّكت (٣) الواو ، والياء. لتصير الكلمة بالفتحة مستقلة حتى يصح كونها ضميرا منفصلا ، إذ لو لا الحركة لكانتا كأنهما للاشباع على ما ظنّ الكوفيون ، ألا ترى أنك إذا أردت عدم استقلالهما سكنت الواو والياء نحو : إنهّو ، وبهي ؛
وكان قياس المثنى والجمع ، على مذهب البصريين : هوما ، وهي ما وهوم ، وهين (٤) ، فخفف بحذف الواو والياء ؛
والكلام في زيادة الميم وحذف الواو في جمع المذكر ، وزيادة النونين في جمع المؤنث :
__________________
(١) يعني كالتاء الاسمية التي هي ضمير
(٢) أي التي تتغير بحسب المخاطب ؛
(٣) يعني بالنسبة لرأي البصريين ،
(٤) أي بزيادة علامات التثنية والجمع بنوعيه على صيغة المفرد مع بقائها على حالها ؛