قوله : «فالاسمية بالواو والضمير» ، إنما ربطوا الجملة الحالية بالواو ، دون الجملة التي هي خبر المبتدأ ، فإنه اكتفي فيها بالضمير ؛ لأن الحال يجيئ فضلة بعد تمام الكلام. فاحتيج في الأكثر إلى فضل ربط ، فصدّرت الجملة التي أصلها الاستقلال بما هو موضوع للربط ، أعني الواو التي أصلها الجمع ، لتؤذن من أول الأمر بأن الجملة لم تبق على الاستقلال ؛
وأمّا خبر المبتدأ ، والصلة ، والصفة ، فانها لا تجيىء بالواو ، لأنّ (١) بالخبر يتم الكلام ، وبالصلة يتم جزء الكلام ، والصفة لتبعيّتها للموصوف لفظا ، وكونها لمعنى فيه معنى (٢) : كأنها من تمامه ، فاكتفي في ثلاثتها بالضمير ، بلى ، قد تصدّر الصفة والخبر بالواو ، إذا حصل لهما أدنى انفصال ، وذلك بوقوعهما بعد «إلّا» نحو : ما حسبتك إلا وأنت بخيل ، وما جاءني رجل إلا وهو فقير ، وأمّا الصلة فلا يعرض لها مثل هذه الحال ، فلا ترى ، أبدا ، مصدّرة بالواو ؛
قوله : «أو بالواو ، أو بالضمير» ، اجتماع الواو والضمير في الاسمية ، وانفراد الواو : متقاربان في الكثرة ، لكن اجتماعهما أولى ، احتياطا في الربط ؛
وأمّا انفراد الضمير ، فقال الأندلسي (٣) : ان كان المبتدأ (٤) ضمير صاحب الحال ، وجب الواو أيضا ، نحو : جاءني زيد وهو راكب ؛ ولعلّ ذلك لكون مثل هذه الجملة ، في معنى المفرد ، سواء ، إذ المعنى : جاءني زيد راكبا ، فصدّرت بالواو إيذانا من أول الأمر بكون الحال جملة ، وإن أدّت معنى المفرد ؛
وإن لم يكن المبتدأ ضمير صاحب الحال ، نظر ، فإن كان الضمير فيما صدّر به الجملة ، سواء كان مبتدأ ، نحو : جاءني زيد يده على رأسه ، وكلمته فوه إلى فيّ ؛ أو خبرا نحو قوله :
__________________
(١) أي لأنه بالخبر ، فاسمها ضمير الشأن حتى يستقيم المعنى ،
(٢) أي من جهة المعنى ،
(٣) القاسم بن أحمد الأندلسي من علماء المغرب وهو قريب العهد بالرضي ، ويتكرر النقل عنه في هذا الشرح ،
(٤) أي في الجملة الواقعة حالا ،