وقد قرّر على الصواب ، في باب الفاعل (١) ، وهو قوله في : ضرب غلامه زيد ، لا بدّ من متقدم يرجع إليه هذا الضمير تقدما لفظيا ، أو معنويا ، وهو راجع إلى «زيد» وهو متأخر لفظا ، فلو لا أنه متقدم عليه من حيث المعنى ، لم يجز ؛ فجعله من باب المتقدم معنى لا لفظا ، وهو الحق ؛
وعلى هذا ، فالحق أن يقول : التقدم اللفظي : أن يذكر المفسّر قبل الضمير ذكرا صريحا ، سواء كان من حيث المعنى ، أيضا ، متقدما ، نحو : ضرب زيد غلامه ، لأن الفاعل من حيث المعنى متقدم على المفعول ، أو كان من حيث المعنى متأخرا ، كقوله تعالى ، : (وَإِذِ ، ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ)(٢) ، لأن المفعول من حيث المعنى متأخر عن الفاعل ؛
واعلم أنه إذا تقدم ممّا يصلح للتفسير شيئان فصاعدا ، فالمفسّر هو الأقرب لا غير ، نحو : جاءني زيد وبكر فضربته ، أي ضربت بكرا ، ويجوز ، مع القرينة ، أن يكون للأبعد ، نحو : جاءني عالم وجاهل ، فأكرمته ؛
والتقدم المعنوي ألّا يكون المفسّر مصرّحا بتقديمه ، بل هناك شيء آخر غير ذلك الضمير يقتضي كون المفسّر قبل موضع الضمير ، وذلك ضروب : كمعنى الفاعلية ، المقتضى كون الفاعل قبل المفعول رتبة ، كضرب غلامه زيد ، ومعنى الابتداء المقتضى لكون المبتدأ قبل الخبر ، نحو : في داره زيد ؛ ومعنى المفعول الأول ، المقتضى تقدّمه على الثاني ، نحو : أعطيت درهمه زيدا ، وكذا نحو (٣) : ضربت في داره زيدا ، وكلفظ الفعل المتضمن للمصدر المفسّر لضمير متصل بذلك الفعل نحو :
هذا سراقة للقرآن يدرسه |
|
والمرء عند الرّشا ان يلقها ذيب (٤) ـ ٨١ |
أو منفصل عنه نحو قوله تعالى : (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى)(٥) ، وقوله تعالى : «بَلْ
__________________
(١) ص ١٨٧ من الجزء الأول ،
(٢) الآية ١٢٤ سورة البقرة ؛
(٣) لأن «في داره» مفعول ثان بواسطة الحرف ،
(٤) تقدم الاستشهاد بهذا البيت في الجزء الأول
(٥) الآية ٨ من سورة المائدة وتقدمت قريبا ؛