وإمّا لشبهها
بالحروف لاحتياجها إلى المفسّر ، أعني الحضور للمتكلم ، والمخاطب
، وتقدم الذكر في الغائب ، كاحتياج الحرف إلى لفظ يفهم به معناه الافرادي ، وإمّا
لعدم موجب الاعراب فيها ، وذلك أن المقتضى لإعراب الأسماء : توارد المعاني
المختلفة على صيغة واحدة ، والمضمرات مستغنية باختلاف صيغها لاختلاف المعاني ، عن
الاعراب ، ألا ترى أن كل واحد من المرفوع والمنصوب والمجرور له ضمير خاص ؛
قوله : «ما وضع
لمتكلم» ، يخرج قول من اسمه «زيد» : زيد ضرب ، وقولك لزيد : يا زيد افعل كذا ،
وقولك لزيد الغائب : زيد فعل كذا ، فإن لفظ «زيد» وإن أطلق على
المتكلم والمخاطب والغائب إلا أنه ليس موضوعا للمتكلم ولا للمخاطب ولا للغائب
المتقدم الذكر ، بل الأسماء الظاهرة كلها موضوعة للغيبة مطلقا ، لا باعتبار تقدم
الذكر ، فمن ثمّ قلت : يا تميم كلهم ، نظرا إلى أصل المنادى قبل النداء ، ولهذا
يقول المسمّى بزيد : زيد ضرب ، ولا يقول : زيد ضربت ، وكذا لا تقول للمسمّى بزيد :
زيد ضربت ، لكنها ليست لغائب تقدم ذكره ، كهو ، وهي ، ونحوهما ؛
وإنما جاز : يا
تميم كلكم ، لأن «يا» ، دليل الخطاب ، وليس في : زيد ضرب ، دليل التكلم ؛
ويدخل في حدّه
لفظ المتكلم والمخاطب ، إلا أن يقال : ما وضع لمتكلم به ، أو لمخاطب به ، أي للمتكلم بهذا
اللفظ الموضوع ، وللمخاطب به ،
وكذا في حدّ
أسماء الإشارة ، ينبغي أن يقيّد فيقال : ما وضع لمشار إليه به حتى لا يدخل لفظ «المشار
إليه» ؛
قوله : «لفظا ،
أو معنى ، أو حكما» ، قسم التقدم اللفظي قسمين ، أحدهما متقدم
__________________