وإمّا لشبهها بالحروف (١) لاحتياجها إلى المفسّر ، أعني الحضور للمتكلم ، والمخاطب ، وتقدم الذكر في الغائب ، كاحتياج الحرف إلى لفظ يفهم به معناه الافرادي ، وإمّا لعدم موجب الاعراب فيها ، وذلك أن المقتضى لإعراب الأسماء : توارد المعاني المختلفة على صيغة واحدة ، والمضمرات مستغنية باختلاف صيغها لاختلاف المعاني ، عن الاعراب ، ألا ترى أن كل واحد من المرفوع والمنصوب والمجرور له ضمير خاص ؛
قوله : «ما وضع لمتكلم» ، يخرج قول من اسمه «زيد» : زيد ضرب ، وقولك لزيد : يا زيد افعل كذا ، وقولك لزيد (٢) الغائب : زيد فعل كذا ، فإن لفظ «زيد» وإن أطلق على المتكلم والمخاطب والغائب (٣) إلا أنه ليس موضوعا للمتكلم ولا للمخاطب ولا للغائب المتقدم الذكر ، بل الأسماء الظاهرة كلها موضوعة للغيبة مطلقا ، لا باعتبار تقدم الذكر ، فمن ثمّ قلت : يا تميم كلهم ، نظرا إلى أصل المنادى قبل النداء ، ولهذا يقول المسمّى بزيد : زيد ضرب ، ولا يقول : زيد ضربت ، وكذا لا تقول للمسمّى بزيد : زيد ضربت ، لكنها ليست لغائب تقدم ذكره ، كهو ، وهي ، ونحوهما ؛
وإنما جاز : يا تميم كلكم ، لأن «يا» ، دليل الخطاب ، وليس في : زيد ضرب ، دليل التكلم ؛
ويدخل في حدّه لفظ المتكلم والمخاطب ، إلا أن يقال (٤) : ما وضع لمتكلم به ، أو لمخاطب به ، أي للمتكلم بهذا اللفظ الموضوع ، وللمخاطب به ،
وكذا في حدّ أسماء الإشارة ، ينبغي أن يقيّد فيقال : ما وضع لمشار إليه به حتى لا يدخل لفظ «المشار إليه» ؛
قوله : «لفظا ، أو معنى ، أو حكما» ، قسم التقدم اللفظي قسمين ، أحدهما متقدم
__________________
(١) يعني لشبهها بالحروف في المعنى ، فهو غير الوجه الأول ؛
(٢) أي في الحديث عنه ،
(٣) في الأمثلة التي ذكرها
(٤) في تفسير معنى التكلم وما معه