والمبرد (١) يستعمل القياس في المصدر الواقع حالا ، إذا كان من أنواع ناصبه نحو : أتانا رجلة وسرعة وبطأ ونحو ذلك ، وأمّا ما ليس من تقسيماته وأنواعه ، فلا خلاف أنه ليس بقياس ، فلا يقال : جاء ضحكا أو بكاء ونحو ذلك لعدم السماع ؛ ثم انه ، قد ذهب الأخفش والمبرد إلى أن انتصاب مثل هذه المصادر على المصدرية ، لا الحالية والعامل محذوف أي أتيته أركض ركضا ، كما هو مذهب أبي عليّ في : أرسلها العراك ؛
ولو كان كما قالا (٢) ، لجاز تعريفها ؛ وغيرهما على أن انتصابها على الحال ، لا على حذف المضاف (٣) ، فمعنى مشيا : ماشيا ، وقع المصدر صفة ، كما أن الصفة وقعت مصدرا في نحو : قم قائما ، على أحد المذهبين (٤) ، وعلى الثاني : هو حال مؤكدة ؛ كما يجيء ؛
ولا يمتنع أن يقال : ان جميع ذلك على حذف المضاف ، أي : أتيته ذا ركض ، إلا أنه لا مبالغة فيه ، كما مرّ في خبر المبتدأ ؛ (٥)
ومما جاء فيه الحال غير مشتق سماعا ، قولهم : كلمته فاه إلى فيّ ، وهشام (٦) يقيس عليه ، كما مرّ ، ومنه : بعته يدا بيد ، وأرسلها العراك ، وسائر ما ذكرته عند ذكر مجيىء الحال معرفة ؛
وأمّا نحو : جاء البرّ قفيزين ، أو صاعين ، فالأولى أن المنصوب خبر «جاء» ، لا حال ، كما يجيئ في الأفعال الناقصة ؛ (٧)
__________________
(١) المبرد من أكثر من نقل عنهم الرضي في شرحه هذا ، وقد ترجمنا له في الجزء الأول ،
(٢) أي الأخفش والمبرد ،
(٣) أي من غير تقدير مضاف ، وهو مقابل للرأي الآتي ،
(٤) أي ان قائما مصدر جاء بوزن فاعل ،
(٥) ص ٢٥٤ في الجزء الأول
(٦) المراد هشام بن معاوية ، الضرير ، وتقدم ذكره ؛
(٧) سيأتي في باب كان أن من الأفعال الناقصة : الفعل «جاء» في تراكيب معينة ، مثل ما هنا ؛