ومنها ما يقصد به التشبيه ، كقول بعض أصحاب أمير المؤمنين. علي رضي الله عنه في بعض أيام صفين :
فما بالنا أمس أسد العرين |
|
وما بالنا اليوم شاء النجف (١) ـ ١٨٤ |
وقول المتني :
١٨٩ ـ بدت قمرا ومالت خوط بان |
|
وفاحت عنبرا ورنت غزالا (٢) |
وفي تأويل مثله وجهان : أحدهما أن تقدّر مضافا قبله ، أي : أمثال أسد العرين ، ومثل قمر ؛ والثاني أن يؤوّل المنصوب بما يصح أن يكون هيئة كما تقدم ، أي : ما بالنا أمس شجعانا ، واليوم ضعافا ، وبدت منيرة ، ونحو ذلك ، وذلك لأنهم يجعلون الشيء المشتهر في معنى من المعاني كالصفة المفيدة لذلك المعنى ، نحو قولهم : لكل فرعون موسى ، بصرفهما ، أي : لكل جبّار قهّار ؛
ومنها الحال في نحو : بعث الشاء شاة ودرهما ، وضابطه أن تقصد التقسيط فتجعل لكل جزء من أجزاء مجزّأة ، قسطا ، وتنصب ذلك القسط على الحال وتأتي بعده بذلك الجزء ، إمّا مع واو العطف ، كقولنا : شاة ودرهما ، أو بحرف الجر ، نحو : بعت البّر قفيزين بدرهم ، وأخذت زكاة ماله ، درهما عن كل أربعين ، وقامرته ، درهما في درهم ، أي : جعلت في مقابلة كل درهم منه درهما مني ، أو بغير ذلك نحو : وضعت عندكم الدنانير ، دينارا لدى كل واحد ؛
وكل واحدة من هذه الأحوال كانت جزءا أوّل من الجملة الابتدائية ، على ما مرّ قبل ؛ (٣)
__________________
(١) تقدم هذا الشاهد في هذا الباب ؛
(٢) هو للمتنبي والقول فيه ، ما تقدم من اختلاف العلماء في الاستشهاد بمثله ، ويمكن أن يكون تمثيلا ، كما يقولون ، وهو من قصيدة له والضمائر في الأفعال تعود إلى محبوبته التي قال عنها في بيت سابق على عادته في المبالغة :
بجسمي من برته فلو أصارت |
|
وشاحي ثقب لؤلؤة لجالا |
(٣) تقدم قريبا شرح هذا النوع عند قوله فاه إلى فيّ ، في هذا الباب ؛