وأمّا العامل في الحال في نحو : (مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً)(١) ، أعني إذا كان الحال عن مجرور بمضاف غير عامل في الحال كما عمل في نحو : ضرب زيد راكبا (٢) ؛ فعند من جوّز اختلاف العامل في الحال وفي صاحبها ، فلا اشكال فيه ، وأمّا من منعه فقال بعضهم (٣) : العامل فيه معنى الاضافة لأن الاضافة بمعنى حرف الجر المتعلق بمعنى الفعل ، لأن المعنى : ملة ثبتت لابراهيم حنيفا ، وهو ضعيف ، لأننا بيّنا في حدّ العامل : أن معنى الفعل قد انطمس في مثله (٤) ؛
وقال بعضهم : لما كان لا يضاف ممّا ليس بعامل في الحال إلى ذي الحال ، إلا جزؤه نحو : انظر إلى يد زيد ماشيا ، أو ما يقوم مقام المضاف إليه لو حذف ، كقوله تعالى : (مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) ، كما تقدم في أول الباب ، جاز أن يعمل عامل المضاف في الحال ، مع أنه لم يعمل في المضاف إليه ، لأن المضاف إليه في التقديرين المذكورين ، كأنه المضاف ؛
ولكون حال المضاف إليه ، كحال المضاف ، إذا كان المضاف جزء المضاف إليه ، جاز ، وان كان على قلّة ، تقديم حال المضاف إليه على المضاف في نحو : تتحرك ماشيا يد زيد ، مع أننا ذكرنا قبل ، أن حال المضاف إليه لا يتقدم على المضاف ؛
وقد يجب تقديم الحال على صاحبها إذا كان صاحبها بعد «إلّا» أو معناها ، نحو : ما جاءني راكبا إلا زيد ، وإنما جاءني راكبا زيد ، لمثل ما مرّ من باب الفاعل ، (٥) أعني ، لتغيّر الحصر وانعكاسه لو أخّرت عن صاحبها ؛
ويجب (٦) ، أيضا ، إذا أضيف ذو الحال إلى ضمير عائد على ملابس الحال ، نحو : لقيني شاتم زيد أخوه ؛
__________________
(١) الآية المتقدمة من سورة النحل
(٢) ضرب : مصدر مضاف إمّا إلى المفعول وإما إلى الفاعل ، وصاحب الحال أحدهما ؛
(٣) أي بعض المانعين وسيذكر بعضا آخر منهم
(٤) انظر ص ٧٢ من الجزء الأول ؛
(٥) انظر ص ١٩٠ ج ١
(٦) أي تقديم الحال ،