الحذف (١) ، فلبقاء الاسم المتمكن على حرف واحد ، ولا يجوز ؛ لأن الإعراب إنما يدور على آخر الكلمة ، فلا يدور على كلمة آخرها أولها ؛
وأمّا الإبقاء ، فلأدائه منونا إلى اجتماع الساكنين ، فليؤول أمره إلى البقاء على حرف ، وذلك لأن أصله «فوه» بفتح الفاء وسكون العين ، أما فتح الفاء فلأن «فم» بفتح الفاء أكثر وأفصح من الضم والكسر ، وأما سكون العين ، فلأنه لا دليل على الحركة ، والأصل السكون ، فحذفت لامه نسيا منسيّا ، فلو لم تقلب الواو ميما ، لدار الإعراب على العين كما في : يد ، ودم ، فوجب قلبها ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، فيلتقي ساكنان : الألف والتنوين ، فتحذف الألف ؛ فلمّا امتنع حذفها وابقاؤها ، قلبت إلى حرف صحيح قريب منها في المخرج وهو الميم ، لكونهما شفويّتين ؛ وأمّا قوله :
خالط من سلمى خياشيم وفا (٢) ـ ٢٣٤
فقيل : حذف المضاف إليه ضرورة ، وأصله : وفاها ، قال أبو علي ، يجوز أن يكون على لغة من لم يبدل من التنوين ألفا في النصب ، كما في الرفع والجر ، كما قال :
٣١٣ ـ كفى بالنأي من أسماء كاف |
|
وليس لحبها إذ طال شافي (٣) |
وقال :
٣١٤ ـ إلى المرء قيس أطيل السرى |
|
وآخذ من كل حيّ عصم (٤) |
__________________
(١) يعني أما علة عدم إمكان حذفه وكذلك في قوله وأما الإبقاء
(٢) تقدم هذا الشطر شاهدا في باب المستثنى من هذا الجزء ؛
(٣) هذا مطلع قصيدة لبشر بن أبي خازم في مدح أوس بن حارثة ، وبشر شاعر جاهلي ، وكان يهجو أوسا فتمكن منه أوس فأسره ثم أطلقه فعاد إلى مدحه والإشادة به ،
(٤) من قصيدة للأعشى في مدح قيس بن معد يكرب الكندي وله فيه مدائح كثيرة ، ومن هذه القصيدة قوله قبل هذا البيت في وصف رحلته وراحلته ؛
ويهماء تعزف جنّانها |
|
مناهلها آسنات أجم |
قطعت برسّامة جسدة |
|
ويشفى عليها الفؤاد السّقم |
السّقم بكسر القاف : السقيم ،