وقد يقوم المضاف إليه مقام المضاف في التذكير ، قال :
٣٠٥ ـ يسقون من ورد البريص عليهم |
|
بردى يصفّق بالرحيق السلسل (١) ، |
أي : ماء بردى ، وهي نهر ، فقال : يصفق بالتذكير ، ويقوم مقامه في التأنيث ، أيضا ، نحو : قطعت السارق فاندملت ، أي قطعت يده ، وفي العقل ، كقوله تعالى : (وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ)(٢) ، فقال : هم ؛
وقال الخليل : يقوم مقامه في التنكير إن كان معرفة أضيف إليها «مثل» ، كما ذكرنا في المفعول المطلق في قوله : فإذا له صوت صوت حمار (٣) ، برفع «صوت» الثاني ، أي : مثل صوت حمار ، فأجاز أن تقول : هذا رجل أخو زيد ، أي مثل أخي زيد ، واستضعفه سيبويه (٤) ، وقال : لو جاز هذا ، لجاز : هذا قصير الطويل ، أي مثل الطويل ، وهو قبيح جدّا ؛
وأمّا قولهم : قضية ولا أبا حسن لها ، فلجعل العلم المشتهر بمعنى ، كالجنس الموضوع لذلك المعنى ، نحو : لكل فرعون موسى ، كما ذكرنا في : «لا» التبرئة (٥) ؛
وقد يحذف مضاف بعد مضاف ، وهلمّ جرّا (٦) ، لقيام المضاف إليه الأخير مقامه ، كقوله :
٣٠٦ ـ فأدرك إبقاء العرادة ظلعها |
|
وقد جعلتني من حزيمة إصبعا (٧) |
أي : ذا مقدار مسافة اصبع ؛
__________________
(١) هذا من قصيدة مشهورة لحسان بن ثابت في مدح آل جفنة ، ملوك الشام ،
(٢) الآية ٤ من سورة الأعراف ؛
(٣) في الجزء الأول ص ٣١٩
(٤) تفصيل ذلك مع الرأي الذي نقله الشارح عن الخليل موجود في سيبويه ج ١ ص ١٨١ ،
(٥) تكررت الإشارة إلى وجه تسميتها بذلك ،
(٦) قال ابن هشام إن هذا تعبير مولّد وأنه يتوقف في عربيته وقد حلّه بشيء من التجوز خلاصته : أن المعنى :
وهلم أي استمر ، في سحب الحكم وجرّه أي تطبيقه على كل ما أشبهه ،
(٧) من قصيدة للكحلبة العرني ، ويريد : حزيمة بن طارق من بني تغلب ، وكان حزيمة قد أعار مع نفر من قومه ـ ـ على بني يربوع عشيرة الكلحبة ، وهو في هذا البيت يشير إلى أنه لم يدرك حزيمة لطارئ عرض لفرسه وذلك قوله :
فإن تنج منها يا حزيم بن طارق |
|
فقد تركت ما خلف ظهرك بلقعا |
والعرادة : اسم فرسه ، والإبقاء ما تدخره الخيل من قوتها إلى وقت الحاجة يقول إن الظلع أي العرج أصاب الفرس فحال بينها وبين الانتفاع بما تبقيه من قوة جريها ، بعد أن قرب ما بينه وبين حزيمة ولو لا ذلك لأدركه ؛