لانحصار الغيريّة ، كقولك : عليك بالحركة غير السكون ، فلذلك كان قوله تعالى : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) ، صفة : (الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ) (١) ، إذ ليس لمن رضي الله عنهم ضدّ ، غير المغضوب عليهم ، فتعرّف (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) لتخصّصه بالمرضي عنهم ؛
وكذا إذا اشتهر شخص بمماثلتك في شيء من الأشياء ، كالعلم أو الشجاعة ، أو نحو ذلك ، فقيل : جاء مثلك ، كان معرفة إذا قصد : الذي يماثلك في الشيء الفلاني ، واعتبار المعرفة والنكرة بمعانيهما (٢) ، فكل شيء خلص لك بعينه من سائر أمّته فهو معرفة ؛
وقدح ابن السّراج (٣) في قوله (٤) هذا ، بقوله تعالى : (نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) (٥) ؛ مع أن معنى (غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) أي الصلاح لأن عملهم كان فسادا ؛ وبقول الشاعر :
٢٧٦ ـ إن قلت خيرا قال شرا غيره |
|
أو قلت شرّا مدّه بمداد (٦) |
والجواب (٧) : أنه على البدل ، لا الصفة ، أو حمل «غير» على الأكثر ، مع كونه صفة ، لأن الأغلب فيه عدم التخصص بالمضاف إليه ؛
وقد جاء قبل «غير» ، معمول لما أضيف إليه «غير» نحو : أنا زيدا غير ضارب ،
__________________
(١) الآية الأخيرة من سورة الفاتحة ؛
(٢) يعني أن الحكم على الألفاظ بالتعريف أو التنكير راجع إلى ما تدلّ عليه من المعنى ،
(٣) هذا هو أبو بكر محمد بن السراج الذي أشرنا إليه في التعليق على قول الرضي قال ابن السري ،
(٤) أي في قول الزجاج الذي عبر عنه الرضي بابن السري ،
(٥) الآية ٣٧ سورة فاطر ،
(٦) هذا من شعر الأسود بن يعفر في صاحب عنيد مولع بالمخالفة حتى لا يستريح الإنسان إلى عشرته ، وبعده قوله :
فلئن أقمت لأظفرنّ ببلدة |
|
ولئن ظعنت لأرسين أو تادي |
(٧) الجواب عما قاله ابن السراج في رده على الزجاج ،