وأمّا المعرّف باللام فإن التعريف فيه غير مقصود قصده ، فهو في حكم المنكر ، ويجوز عدم تكريرها مع المنكر قبل جعلها بمعنى «غير» ، نحو : لا رجل ولا غلام رجل بخلاف العلم ؛
وأمّا المعرّف باللام مع «لاء» التبرئة ، فلا بدّ معه من تكريرها في نحو : لا الرجل في الدار ولا المرأة ؛ استضعف هذا التعريف بعد خروج «لا» إلى معنى «غير» ، ولضعفها أيضا بهذا الخروج ، فجوّز عدم تكريرها ، نحو : أنت غير الفارس ولا الشجاع ، وألزمت التكرير قبل خروجها لقوتها ؛
هذا ، وإن كانت «لا» بمعنى «غير» ، مجرّدة عن هذه الشروط ، لزم تكرارها ، أيضا ، نحو قوله تعالى : (...إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ ، لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ) (١) ، وقولك : زيد لا راكب ولا ماش ، وجاءني زيد لا راكبا ولا ماشيا ؛
وأمّا قول العوامّ : أنا لا راكب ، واللا إنسان أعم من اللاحيوان فغير مستند إلى حجة ؛
وجواز ترك التكرير مع الشرط الأول ، معلّل بكثرة استعمال «لا» مع شيء ، وهو (٢) مع الشرط الثاني معلّل ببعد «لا» عن أصلها أعني كونها للتبرئة ، وذلك بتعذر تقدير «من» الاستفراقية بعد «لا» ، لتعذر دخول حرف الجر على حرف الجر ، فلذا جاز : جئت بلا زيد ، من غير تكرير مع العلم ، وهو مع الشرط الثالث معلّل بكونها كالمكررة ، لأن «غير» بمعناها ؛
ونعني بكون «لا» بمعنى «غير» ، كونها لنفي الاسم الذي بعدها ، كغير ، فلا يكون لها صدر الكلام ، وبكونها للتبرئة : أنها لنفي مضمون الجملة فيلزمها التصدّر ؛
واعلم أنه قد يؤوّل العلم المشتهر ببعض الخلال ، بنكرة (٣) ، فينتصب بلاء (٤) التبرئة ،
__________________
(١) الآيتان ٣٠ ، ٣١ سورة المرسلات ؛
(٢) أي ترك التكرير ، أو جواز ترك التكرير ، وكذا فيما بعده ،
(٣) متعلق بقوله : قد يؤوّل العلم ،
(٤) تقع كلمة «لا» في كلام الرضي كثيرا بهمزة في آخرها ، ووجهه أنه قصد لفظها وأعربها ، فزيدت في ـ ـ آخرها ألف للتضعيف وقلبت همزة ، كما هو حكم كل ثنائي الوضع إذا انتقل إلى الاسمية وقصد اعرابه ،