زيادتها في الموجب ، والتي يجوز زيادتها في الموجب ليست هذه ؛
وكذا الباء المزيدة في نحو : ألقى بيده ، وكفى بالله ، وبحسبك ، غير هذه التي نحن فيها ، أي التي لتأكيد غير الإيجاب ؛
وقد أجاز الكوفيون إعمال «من» والباء المذكورتين ، أي المختصتين بغير الإيجاب فيما بعد «الّا» إذا كان منكّرا نحو : ما جاءني من أحد إلا رجل فاضل ، وما زيد بشيء إلا شيء حقير ، وأما إذا كان معرفة فلا ؛ (١)
ولعلهم نظروا إلى أن عدم الإيجاب ، وإن زال بإلّا ، إلّا أن «من» الاستغراقية لمّا لزمت المنكّر وضعا ، والباء المذكورة أصلها أن تدخل على النكرة لأن موضعها الخبر ، وأصله التنكير ، فجاز أن تعملا في المنكر ، لمشابهته ما ينبغي أن تدخلا فيه ، وإن كان في حيّز الإيجاب ، وسهّل ذلك عدم مباشرة الحرفين للمجرورين ؛
والأولى المنع من ذلك ، لأن العلة المذكورة قبل ، في امتناع جرّهما لما بعد «الا» ، تعمّ المعرّف والمنكّر ، وما ذكروه ، كان يمكن أن يعتذر به ، لو ثبت في النقل جرّ المنكر بعد «إلا» بهما ؛
وقال أبو علي (٢) : إنما لم يجز جرّ البدل في : ما جاءني من أحد إلا زيد ، ونصبه في : لا رجل إلا زيد ، لامتناع دخول «من» الاستفراقية على المعرفة وعمل «لا» التبرئة فيها ؛
ولا يطرد هذا التعليل في نحو : ما جاءني من أحد إلا رجل صالح ، ولا يجوز جره اتفاقا من البصريين ، ولا في نحو : لا رجل في الدار إلا رجل فاضل فإنه لا يجوز إبداله على اللفظ إجماعا ؛
ولنا أن نقول : إنما لم يجز الإبدال على لفظ اسم «لا» ، وخبر «ما» ، المذكورتين ، لأن إعمالهما فيما بعد «إلّا» ، يقتضي بقاء نفيهما بعدها ، إذ لا يعملان إلا للنفي ، ومجيئ
__________________
(١) ومثاله : ما زيد بشيء إلا الشيء التافه أو الحقير ،
(٢) أي الفارسيّ ،