«إلا زيد ، إلا أن يستقيم المعنى ، نحو : قرأت إلا يوم كذا ،»
«ومن ثمّ لم يجز : ما زال زيد إلّا عالما» ؛
[قال الرضى :]
هذا الذي يسميّه النحاة : الاستثناء المفرّغ ، والمفرغ في الحقيقة هو الفعل قبل «إلّا» ، لأنه لم يشتغل بمستثنى منه ، فعمل في المستثنى ؛
واعلم أن المنسوب إليه الفعل أو شبهه ، كما تكرر ذكره ، هو المستثنى منه مع المستثنى ، وإنما أعرب المستثنى منه بما يقتضيه المنسوب ، دون المستثنى لأنه الجزء الأول ، والمستثنى بعده صار في حيّز الفضلات فأعرب بالنصب ، ثم إن أمكن إتباع المستثنى للمستثنى منه في الإعراب فهو أولى ، كما في : ما قام القوم إلا زيد ، إيذانا بكونه من تمام المنسوب إليه ، وعبرة (١) إمكان اتباعه إياه ، بتجويز حذف المستثنى منه ، وقيام المستثنى مقامه على البدل ، وذلك في غير الموجب ، وإن لم يجز حذفه ، كما في الموجب ، لم يجز اتباع المستثنى إيّاه ، بل وجب نصبه ، لكونه في حيّز الفضلات كما ذكرنا ؛
وأمّا علة امتناع حذف المستثنى منه في الموجب ، وجوازه في غير الموجب ، فلأن المستثنى المتصل الذي كلامنا فيه ، يجب دخوله تحت المستثنى منه عند جميع النحاة ، إلا المبرّد ، وعند أكثر الأصوليين ، أمّا المبرد وبعض الأصوليين فإنهم يكتفون ، لصحة الاستثناء ، بصحة دخوله تحته ، حتى أجاز بعضهم جاءني رجل إلا زيدا ؛ والأوّل هو الوجه ، لأن الاستثناء اخراج اتفاقا وهو لا يكون إلا بعد تحقق الدخول ؛
ثم إن المخرج منه ، إنما يصح حذفه إذا قام عليه دليل ، والدليل المستمر دلالته على المخرج منه هو المستثنى ، لأنه يعرف به أنّ المقدر متعدد من جنسه ، يعمّه وغيره ، وذلك المتعدد المقدر ، لا يمكن أن يكون بعضا من الجنس غير معيّن ، لأنه لا يتحقق ؛ إذن ،
__________________
(١) أي طريقة اعتبار ذلك ، وكيفية معرفته ؛