خائبا ، قال له الرشيد : يحق لك يا إبراهيم أن تدرك ما طلبت.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، نا وأبو منصور بن خيرون ، أنا أبو بكر الخطيب (١) ، حدّثني الحسن بن علي المقنّعي ، عن محمد بن موسى الكاتب أخبرني الصولي حدّثني عبد الله بن المعتز ، حدثني أبو عبد الله الهاشمي (٢) قال : اعتبر أهلنا على إسحاق بأن دعوه ومدّوا ستارة وأقعدوا كاتبين ضابطين بحيث لا يراهما إسحاق وقالوا : كلما غنّت الستارة صوتا فتكلم عليه إسحاق ، فاكتبا الصوت ، واكتبا لفظه فيه ، وجعل إسحاق كلما سمع صوتا أخبرنا بالشعر لمن هو ، ونسب الصوت وذكر جميع من تغنى فيه ، وخبرا إن كان له خبر حتى كتب ذلك كله وحفظ ، ثم دعوا إسحاق بعد مدّة طويلة وضربوا ستارة وأمروا من خلفها أن يغنين بمثل ما كن غنين به ذلك اليوم ، ففعلن وابتدأ إسحاق يتكلم في الغناء بمثل ما كان تكلم به ، ما خرم حرفا. قال : فعلموا وعلم الناس أنه لا يقول إلّا صوابا وحقا ، وعجبوا منه.
قال (٣) : وقرأت على أبي محمد الجوهري ، عن أبي عبيد الله المرزباني أخبرني يوسف بن يحيى بن علي المنجّم ، عن أبيه : أخبرني أحمد بن القاسم الهاشمي ، عن إسحاق بن إبراهيم قال : دعاني المأمون وعنده إبراهيم بن المهدي وفي مجلسه عشرون جارية قد أقعد عشرا عن يمينه ، وعشرا عن يساره معهن (٤) العيدان يضربن بها ، فلما دخلت سمعت من الناحية اليسرى خطأ فأنكرته ، فقال المأمون : يا إسحاق أتسمع خطأ؟ قلت : نعم يا أمير المؤمنين ، فقال لإبراهيم بن المهدي : هل تسمع خطأ؟ قال : لا ، فأعاد عليّ السؤال ، فقلت : بلى ، والله يا أمير المؤمنين وإنه لفي الجانب الأيسر ، فأعاد إبراهيم سمعه إلى الناحية اليسرى فقال : لا ، والله يا أمير المؤمنين ما في هذه الناحية خطأ ، فقلت : يا أمير المؤمنين مر الجواري اللواتي على الميمنة أن يمسكن فأمرهن فأمسكن ثم قلت لإبراهيم : هل تسمع خطأ فتسمّع ثم قال : ما هاهنا خطأ ، فقلت : يا أمير المؤمنين يمسكن وتضرب الثامنة فأمسكن وضربت الثامنة فعرف إبراهيم الخطأ.
__________________
(١) تاريخ بغداد ٦ / ٣٤٠.
(٢) تاريخ بغداد : الهشامي.
(٣) تاريخ بغداد ٦ / ٣٤٣ ـ ٣٤٤ والخبر في الأغاني ٥ / ٢٨٥.
(٤) بالأصل وم «معهم» والمثبت عن تاريخ بغداد والأغاني.