أخبرنا أبو القاسم الشّحّامي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، نا جعفر بن محمّد الخوّاص ، حدّثني إبراهيم بن نصر ، حدّثني إبراهيم بن بشّار ، قال : سمعت إبراهيم بن أدهم يقول : قلب المؤمن أبيض نقي مجليّ مثل المرآة ، فلا يأتيه الشيطان من ناحية من النواحي بشيء من المعاصي إلّا نظر إليه كما ينظر إلى وجهه في المرآة ، وإذا أذنب ذنبا نكت في قلبه نكتة سوداء ، فإن تاب من ذنبه محيت النكتة من قلبه وانجلى ، وإن لم يتب وعاود أيضا ، وتتابعت الذنوب ذنب بعد ذنب نكت في قلبه نكتة نكتة حتى يسودّ القلب ، وهو قول الله عزوجل : (كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ)(١) قال : الذنب بعد الذنب حتى يسودّ القلب ، فما أبطأ ما تنجع في هذا القلب المواعظ ، فإن تاب إلى الله قبله الله وانجلى عن قلبه كجلاء المرآة.
أخبرنا أبو القاسم الشّحّامي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الرّحمن السّلمي ، وأبو نصر بن قتادة ، قالا : أنا أبو محمّد يحيى بن منصور القاضي ، نا محمّد بن محمّد بن رجاء بن السّندي ، نا يحيى بن عثمان أبو زكريا ـ بغدادي ـ نا بقية بن الوليد ، قال : دعاني إبراهيم بن أدهم إلى طعام له فأتيته فجلس هكذا ـ ووضع رجله اليسرى تحت إليتيه ونصب رجله اليمنى ووضع مرفق يده عليها ـ قال : ثم قال لي : يا أبا محمّد تعرف هذه الجلسة؟ قلت : لا ، قال : هذه جلسة رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يجلس جلسة العبيد ، ويأكل أكل العبيد ، خذوا بسم الله [١٥٥٠].
قال (٢) : فلما أكلت قلت لرفيقه : أخبرني عن أشد شيء مرّ بك منذ صحبته ، قال : نعم ، كنا يوما صياما (٣) ، فلما كان الليل (٤) لم يكن لنا شيء نفطر به قال : فلما أصبحنا قلت له : يا أبا إسحاق هل لك أن نأتي باب الرستن ، فنكري أنفسنا مع هؤلاء الحصادين قال : قال : فأتينا باب الرستن فجاء رجل فاكتراني بدرهم ، قال : قلت [و](٥) صاحبي؟
__________________
(١) سورة «المطففين» ، الآية : ١٤.
(٢) القائل : «بقية» كما يفهم من السياق ، والخبر من هنا في حلية الأولياء ٧ / ٣٧٩ عن بقية قال : قلت لرفيق إبراهيم ، ودون أن يذكر أنه أكل.
(٣) إعجامها غير واضح والمثبت عن حلية الأولياء.
(٤) الحلية : كان عند الافطار.
(٥) زيادة عن الحلية.