أخبرنا أبو طاهر محمّد بن أبي بكر بن عبد الله السّنجي (١) ، أنا أبو طاهر عبد الكريم بن عبد الرّزّاق الحسناباذي ، أنا أبو الفتح منصور بن الحسين بن علي بن القاسم ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، أنا أبو يعلى الموصلي قال : سمعت عبد الصمد بن يزيد الصائغ قال (٢) : سمعت شقيق بن إبراهيم البلخي يقول : لقيت إبراهيم بن أدهم في بلاد الشام فقلت : يا إبراهيم تركت خراسان؟ فقال : ما تهنيت بالعيش إلّا في بلاد الشام أفرّ بديني من شاهق إلى شاهق ، أي (٣) من جبل إلى جبل ، فمن رآني يقول : موسوس ، ومن رآني يقول : حمّال.
ثم قال : يا شقيق لم ينبل عندنا من نبل بالحج ولا بالجهاد ، وإنما نبل عندنا من نبل من كان يعقل ما يدخل جوفه ـ يعني الرغيفين ـ من حلّه. ثم قال لي : يا شقيق ما ذا أنعم الله على الفقراء ، لا يسألهم يوم القيامة عن زكاة ولا عن حجّ ولا عن جهاد ولا عن صلة رحم ، إنما يسأل عن هذا هؤلاء المساكين ـ يعني الأغنياء ـ.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا أبو الحسن رشأ بن نظيف ، أنا أبو محمّد الحسن بن إسماعيل ، أنا أحمد بن مروان المالكي ، نا محمّد بن عبد العزيز ، نا عبد الصمد بن يزيد ، قال : سمعت شقيق بن إبراهيم يقول : لقيت إبراهيم بن أدهم في بلاد الشام فقلت له : تركت خراسان وخرجت من نعمتك؟ فقال : قد تهنيت بالعيش هاهنا ، أفرّ بديني من شاهق إلى شاهق ، فمن يراني يقول : موسوس أو حمّال أو ملّاح ، ثم قال : بلغني أنه يؤتى بالفقير يوم القيامة ، فيوقف بين يدي الله عزوجل فيقول له : عبدي مالك لم تحج؟ فيقول : يا رب أعطيتني شيئا أحج به؟ فيقول الله تبارك وتعالى صدق عبدي اذهبوا به إلى الجنة.
قال : ونا أحمد بن مروان ، نا محمّد بن إسحاق ، قال : سمعت أبي يقول : سمعت خلف بن تميم يقول : سألت إبراهيم بن أدهم : منذ كم قدمت الشام قال : مذ أربع وعشرين سنة ، وما جئت لرباط ولا لجهاد فقلت : لم جئت؟ قال : جئت أشبع من خبز الحلال (٤).
__________________
(١) ضبطت عن الأنساب ، وهذه النسبة إلى سنج قرية كبيرة من قرى مرو على سبعة فراسخ منها.
(٢) الخبر في حلية الأولياء ٧ / ٣٦٩ وسير أعلام النبلاء ٧ / ٣٩٠ والبداية والنهاية ١٠ / ١٣٧.
(٣) الحلية : «ومن» بدل «أي من».
(٤) الخبر في سير أعلام النبلاء ٧ / ٣٩٠.