فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ» ولا تكون كذلك إلا إذا كانت منعمة فرحة بما لاقت جزاء سعيها فى الدنيا ورضى الله عنها ومن ثم قال :
(لِسَعْيِها راضِيَةٌ) أي إنهم جميعا يسعون فى العمل لله حين رأوا ثمرته وعاقبته الحسنى ، كالرجل يعمل العمل فيجزى عليه الجميل ، ويظهر له منه عاقبة حميدة ، فيقول ما أحسن ما عملت ، ولقد وفقت إلى الصواب فيما فعلت.
وبعد أن وصف أهل الثواب وصف ديارهم بسبعة أوصاف فقال :
(١) (فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ) أي عالية المكان مرتفعة على غيرها من الأمكنة ، لأن الجنة منازل ودرجات بعضها أعلى من بعض ، كما أن النار دركات بعضها أسفل من بعض.
وقد يكون المراد منه العلوّ فى الدرجة ، لأن نعيم الجنة بعضه أرفع من بعض ؛ فالنعيم الذي يتمتع به السابقون من الأنبياء والشهداء والصالحين أعلى منزلة وأرفع قدرا مما يتمتع به الذين اتبعوهم بإحسان.
(ب) (لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً) أي إنها منزهة عن اللغو ، إذ أنها منزل جيران الله وأحبائه ، وقد نالوها بالجد والعمل لا باللغو ، ومنازل أهل الشرف فى الدنيا تكون مبرأة من اللغو والكذب والبهتان ، فكيف بأرفع المجالس فى جوار رب العالمين ، ومالك قلوب الخلق أجمعين.
(ح) (فِيها عَيْنٌ جارِيَةٌ) أي فى تلك الجنة ينبوع ماء جار ، والمياه الجارية من الينابيع تكون صافية ، وفى منظرها مسرة للنفوس ، وقرّة للعيون ، وقد افتخر بمثلها فرعون فقال : «أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي».
(د) (فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ) أي مرفوعة عالية إذا جلس عليها المؤمن رأى جميع ما أعطاه الله من النعيم ورأى من فى الجنة وفى ذلك من التشريف والتكريم ما لا خفاء فيه.