حسابا : أي محاسبة على أعمالهم ، أو ثواب حساب ، كذّابا : أي تكذبنا ، وقرئ بالتخفيف بمعنى كذبا ، وعليه قول الأعشى : فصدقتها وكذبتها والمرء ينفعه كذابه كتابا : أي إحصاء بالكتابة.
المعنى الجملي
بعد أن نبه عباده إلى هذه الظواهر الباهرة ، ولفت أنظارهم إلى آياته القاهرة ، أخذ يبين ما اختلفوا فيه ونازعوا فى إمكان حصوله وهو يوم الفصل ، ويذكر لهم بعض ما يكون فيه تخويفا لهم من الاستمرار على التكذيب بعد ما وضحت الأدلة واستبان الحق ، ثم أبان لهم أن هذا يوم شأنه عظيم وأمر الكائنات فيه على غير ما تعهدون ، ثم ذكر منزلة المكذبين الذين جحدوا آيات الله واتخذوها هزوا ، وأن جهنم مرجعهم الذي ينتهون إليه ، وأنهم سيقيمون فيها أحقابا طوالا لا يجدون شيئا من النعيم والراحة ، ولا يذوقون فيها روحا ينفّس عنهم حر النار ، ولا يذوقون من الشراب إلا الماء الحارّ والصديد الذي يسيل من أجسادهم ، جزاء سيىء أعمالهم ، إذ هم كانوا لا ينتظرون يوم الحساب ، ومن ثم اقترفوا السيئات ، وارتكبوا مختلف المعاصي ، وكذبوا الدلائل التي أقامها الله على صدق رسوله أشد التكذيب ، وقد أحصى الله كل شىء فى كتاب علمه ، فلم يغب عنه شىء صدر منهم ، وسيوفيهم جزاء ما صنعوا ، وستكون له كلمة الفصل ، فيقول لهم : «فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً».
الإيضاح
(إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً) أي إن يوم القيامة وقت وميعاد للأولين والآخرين يثابون فيه أو يعاقبون ، ويتمايزون فيه ويكونون مرات ودرجات بحسب أعمالهم كما قال : «وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ».