العابدين عليهالسلام وقال له : يا مولاي أدرك عمّك قبل أن تفارق روحه الدنيا ، فخرج وبيده منديل يمسح بها دموعه الى أن أتى إلى عمّه فأخذ رأسه ووضعه في حجره ، فلمّا أفاق قال : يابن أخي أين أخي؟ أين قرّة عيني؟ أين نور بصري؟ أين أبوك؟ أين خليفة أبي؟ أين أخي الحسين؟ فقال علي عليهالسلام : أتيتك يتيماً ليس معي إلّا نساء حاسرات في الذيول عاثرات ، ناعيات نادبات ، وللمحامي فاقدات ، يا عمّاه لو تنظر إلى أخيك يستغيث فلا يغاث ، ويستجير فلا يجار ، قتل وهو عطشان والماء يشربه كلّ حيوان. فصرخ محمّد بن الحنفية حتى عشي عليه مرّة ثانية ولمّا أفاق من غشيته قال : يابن أخي قص علي ما أصابكم.
قال الراوي : فكان السجاد يقص على عمّه ودموعه تجري وهو يمسحها بمنديل كان في يده ، فقال محمد بن الحنفيه : يعزّ عليَّ يا أبا عبدالله ، يا أخي كيف طلبت ناصراً فلم تنصر ، ومعيناً فلم تعن ، ثم نهض ودخل داره ولم يخرج إلّا بعد ثلاثة أيام ، ولما كان اليوم الرابع خرج للناس وهو شاك في سلاحه وقد اشتمل ببردة واستوى على جواده وقصد ناحية الجبل ، فلم يظهر للناس إلا عند خروج المختار (١).
قال الراوي : وسمعت اُم لقمان بنت عقيل صراخ للنساء ، وخرجت ومعها أترابها اُم هاني ، وأسماء بنت علي عليهالسلام وجعلن يندبن الحسين عليهالسلام.
قال الراوي : وكان دخولهم المدينة يوم الجمعة والخطيب يخطب الناس ، فذكروا الحسين عليهالسلام وما جرى عليه ، فتجددت الأحزان ، واشتملت المصائب وصار كيوم مات فيه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
__________________
(١) الظاهر أنه اعتزل الناس حداداً على أبي عبدالله الحسين عليهالسلام.